في كتب التراجم تقدّما باهرا علينا ، ومع ذلك اهتمّ البعض على نقل تواريخ علماء العامّة وضبط حالاتهم ، وقد كنت ذكرت ذلك إلى شيخنا العلّامة المدرّس التبريزي رحمهالله تعالى حين كان مشغولا بتأليف ريحانة الأدب فصدق قدسسره قولي وصوّب ، والله الهادي وهو الموفّق.
وقال سيد الأعيان : «الشيخ ركن الدين محمد بن علي بن محمد الجرجاني محتدا الأسترآبادي منشأ ومولدا ، الحلّي الغروي مسكنا كان عالما فاضلا متكلّما جليلا من تلاميذ العلّامة الحلّي. عن صاحب رياض العلماء أنّه قال : رأيت مجموعة من مؤلّفات المذكور الفاضل المشهور الذي كان من تلاميذ العلّامة الحلّي ، وشرح مبادي الأصول لأستاذه في حياة أستاذه العلّامة ، وفرغ من الشرح سنة ٦٩٧ وتلك المجموعة كلّها كانت بخطّ المؤلّف الجرجاني المذكور وفيها قصيدة للحسن بن راشد ، انتهى.
وقد جعل الشرح باسم السيّد أبي طالب عبد المطّلب بن علي بن المختار العلوي الحسيني ابن أخت العلّامة ، وتوجد نسخة الأصل في إيران وعندنا منه نسخة ، قال في خطبته : كما أنّ من حقّ الشيوخ إيصال المعاني المحقّقة بالدلائل المقرّرة الموشّحة بالألفاظ المحبرة إلى تلاميذهم بأدنى العبارة والكناية المحرّرة ، كذلك من حقّ التلاميذ أن يقرّروا ما استخرج شيوخهم من اللآلئ في بحار الليالي من أصداف أذهانهم ويوضّحوا ما أخرجوه من الجواهر عن معادن عقولهم وألحانهم.
ورأيت شيخنا المعظم وإمامنا الأعظم ... إلى أن قال بعد وصفه بجليل الصفات : «أبا منصور حسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي أدام الله ظلّه على كافّة المسلمين لإفادة الوافدين عليه والقاطنين لديه بمحمّد وآله أجمعين قد وضع مقدّمته في أصول الفقه محكما أصولها مقلّا فضولها ، قد اجتنت معانيها الأبكار في أخباء ألفاظها ، وتسترّت عن كثير من خاطبيها وطلّابها ، عزمت على أن أشرحها شرحا كافلا بإبراز محاسنها من مكانها وإظهار دررها وجواهرها من أصدافها ومغابنها ...» (١)
__________________
(١) أعيان الشيعة ، ج ٤٦ ، ص ٢٩ ـ ٣٠ ، طبعة بيروت.