الرابع : أنّه أوجس في نفسه خيفة وهو (١) تقتضي شكّه فيما أتى به.
والجواب : أنّه خاف التلبيس (٢) فآمنه الله منه وبيّن له إيضاح حجّته.
الخامس : أخذه برأس أخيه إن كان حقّا فهارون مذنب مع أنّه رسول الله ، وإن لم يكن حقّا فموسى مذنب.
والجواب : أنّ موسى عليهالسلام فعل ذلك حدّة وغضبا من فعل قومه لا لخطإ من هارون ، وقد كان عليهالسلام سريع الغضب والحدّة غير مذمومة ، ولهذا قال نبينا صلىاللهعليهوآله : «خيار أمّتي حدادها الذين إذا غضبوا رجعوا» فحملته حدّته على جذب رأس أخيه ليدنيه ويتحقّق منه كيفية الواقعة ، فأشفق هارون أن يظنّوا خلاف ذلك ، قال : لا تأخذ بلحيتي ، أي لئلّا يظنّ القوم أنّك تريد قتلي وضربي ولم يعلموا أنّه حدّة وغضب منك عليهم.
السادس : أنّه قال في قصة الخضر عليهالسلام : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) (٣) فإن كان كما قال فالخضر مذنب وإلّا فموسى ، وكذا في قوله : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) (٤) ولم تكن زكية.
والجواب عن الأوّل : أنّه نكر (٥) ظاهرا ؛ فإنّ من نظر إلى ظاهر الواقعة ولم يعرف حقيقتها أنكرها أو أنّه نكر (٦) إن كان ظلما أو أنّه عجب ، فإنّ من رأى شيئا عجبا جدّا يقول : هذا شيء منكر.
وعن الثاني : أنّه كان على طريق الاستفهام ، وأمّا قتل الخضر للغلام عند خشية الإرهاق والخشية لا تفيد علما بل ظنّا ، فإنّ ذلك في حقّ غير الأنبياء ، وأمّا الأنبياء فظنونهم علوم أو أنّ الله أمره بقتله.
التاسعة : قصّة داود عليهالسلام وهي في تأويل قوله تعالى : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ
__________________
(١) وهي ـ خ : (آ).
(٢) أي خاف التلبيس على قومه الذين لم ينعموا النظر فآمنه الله تعالى منه.
(٣) الكهف ١٨ : ٧٤.
(٤) الكهف ١٨ : ٧٤.
(٥) أنكر ـ خ : (آ).
(٦) أنكرها ـ خ : (آ).