تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) (١) إلى آخرها ، فقد روي أنّه قال لربّه : قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لوددت أنّك أعطيتني مثله ، قال تعالى : إنّي ابتليتهم بما لم ابتلك بمثله فإن شئت ابتليتك مثلهم ، قال : نعم قال : ستبتلى في يوم كذا وشهر كذا فلبث دهرا فتمثّل له إبليس في صورة حمامة من ذهب في غاية الحسن فوقعت في محرابه ، فأراد أخذها ليري بني اسرائيل قدرة الله تعالى ، فذهبت إلى الكوّة فقام ليأخذها ، وطارت من كوّة المحراب فنظر فإذا امرأة أوريا تغتسل فتعجّب (٢) من حسنها ، فالتفتت فرأته ، فنقضت شعرها فغطّى جميع بدنها فازداد تعجّبا ، قالوا : وكان عمره إذ ذاك سبعين سنة فأحبّ أن يقتل زوجها ليتزوّجها ، وكان مع ابن أخت داود عليهالسلام في جيش ، وأنفذ إليه خاله أن قدّم اوريا أمام التابوت ، وكان في شرعه أنّ من تقدّم التابوت لا يرجع حتى يفتح على يده أو يقتل ، فتقدّم اوريا ففتح على يده فأرسل إليه ثانية : أن قدّمه إلى جيش كذا أعظم من الأول ففتح على يده ، فأرسل إليه ثالثة فقدّمه فقتل ، وتزوّج
__________________
(١) ص ٣٨ : ٢١ ذكر المصنف (ره) في كنز العرفان قوله تعالى : (إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها) ثمّ قال : قيل : إنّها تدلّ على كراهية الدخول في سوم المؤمن ؛ لأنّ الأكثر على أنّ داود عليهالسلام خطب على خطبة أوريا فعوتب على ذلك ج ٢ ، ص ٤٢.
وقد كتبنا في تعاليقنا على كنز العرفان : أنّ نسبة ذلك إلى الأكثر ، وتفريع أنّها تدلّ على كراهية الدخول في سوم المؤمن ، غير وجيه على مذهبنا ، وقد نسب في مجمع البيان هذا القول إلى الجبائي فقط وخطبة داودعليهالسلام امرأة قد خطبها رجل من أصحابه وتقدّمه عليه وتزوّجها وإن لم يكن معصية ، ولكن في هذا العمل نفرة وخلاف مروّة واشمئزاز للنفوس لا يصدر عن الأنبياء عليهمالسلام ، وفي قصة داود عليهالسلام من الإسرائيليات وقصص التوراة المحرّفة شيء كثير لا يعبأ بها ؛ لمخالفتها القواعد المسلّمة في مذهب الإمامية في باب النبوّة من عصمة الأنبياء عليهمالسلام عن المعصية كبيرة وصغيرة وعن الخطإ ، واستغفار داود عليهالسلام حصل منه على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى ، والخضوع له والتذلّل بالعبادة والسجود ، وقد يفعله الناس كثيرا عند النعم التي تتجدّد عليهم ، والمقصود من التوبة والاستغفار إنّما هو القبول. قيل في جوابه :
«فغفرنا لك» أي فعلنا المقصود به ، راجع في هذه القصة ما حقّقه السيّد علم الهدى قدسسره في تنزيه الأنبياء والطبرسي (ره) في مجمع البيان واغلب مطالبه في تحقيق القصّة مأخوذة عن تنزيه الأنبياء ، وراجع أيضا ما حقّقه سيدنا الأستاد العلّامة الطباطبائي دام ظلّه حول القصة في تفسير الميزان والله الموفق.
(٢) فعجب ـ خ : (آ).