واحتجاجهم ـ بأنّه لو جاز لجاز على كلّ وليّ ، فيخرج عن كونه معجزا لاعتياده ، وبأنّه ينفر (١) عن النبي صلىاللهعليهوآله لوجود مشاركه فيه (٢) ، فلو جاز لغيره لم يحصل الامتياز ، وبأنّه حينئذ لا يكون دليلا على التصديق في دعوى النبوّة للعلم بعدم اختصاصه به ـ باطل؛ للمنع من جوازه حينئذ ، لأنّه وجه قبيح بل إذا لم يضر لذلك. والتنفير إنّما يلزم لو لم يكونوا من أتباع الأنبياء ، أمّا على تقديره فلا ، والتمييز يحصل بمقارنة الدعوى وكذا علم دلالته يحصل بها ؛ لما تقرّر أنّ تصديق الكاذب قبيح.
الثانية : الإرهاص جائز ، وهو ظهور الخارق للعادة إنذارا (٣) بقرب البعثة كانشقاق إيوان كسرى وغور بحر ساوة وخمود نيران الفرس وقصة أصحاب الفيل في رميهم بالحجار الصغار على رءوسهم فيخرج من أسافلهم ، وكتظليل الغمامة له صلىاللهعليهوآله ، وتسليم الأحجار عليه قبل البعثة ، ومنعه المانعون للكرامات ، والوقوع يكذبهم.
الثالثة : يجوز خلق المعجزة (٤) على العكس ؛ إظهارا لتكذيب المدّعى ، كقضية مسيلمة في دعواه فيض الماء من البئر فغاض وهو خارق ، وفي ذهاب العين الأخرى لما دعا الأعور ، وكقصة نمرود وإبراهيم عليهالسلام لمّا صارت النار عليه بردا وسلاما قال نمرود : إنّما صارت كذلك هيبة لي فجاءته في الحال نار فأحرقت لحيته.
ومنعه أيضا الأولون ، إذ يكفي في التكذيب عدم الخلق عقيب الدعوى.
قلنا : ممنوع ؛ لجواز أن يقال : تأخّر لمصلحة ، فأما ظهوره على العكس فصريح في التكذيب ، وهو وجه المصلحة.
__________________
(١) تنفر ـ خ : (آ).
(٢) مساوي فيه ـ خ : (آ).
(٣) نذر ينذر نذورا الجيش : جعلوه نذيرة ، أي طليعة.
(٤) المعجز ـ خ : (آ).