حصل له ابنان في بطن واحد : أحدهما : أهرمن (١) (هرمز ظ) وفيه الخير والطهارة والصلاح ، فاتّخذه قوم ربّا وعبدوه ، وثانيهما : أهرمن وفيه الشرّ والخبث والفساد ، وهو الشيطان فطرده رزوان لذلك ، فمضى وحارب أخاه هرمز (٢) مدة فغلبه واستولى على الدنيا وكانت سليمة من الشرور وأهلها في نعيم ، فلمّا حدث أهرمن حدثت الشرور والآفات ، وكان بمعزل عن السماء فاحتال حتّى خرق السماء وصعدها ، وقيل : بل كان في السماء فاحتال ونزل بجنوده ، فهرب النور بملائكته فأتبعه أهرمن وحاصره في جنته وحاربه ثلاثة آلاف سنة ، فتوسّطت الملائكة على أن يكون أهرمن وجنوده في قرار الأرض تسعة آلاف سنة مضافة إلى الثلاثة ، ثمّ يسلّمها إليها والناس في الشر إلى انقضاء تلك المدة ، وأشهدا على أنفسهما عدلين ودفعا إليهما سيفيهما وأمراهما أن يقتلا الناكث منهما.
والزرادشتية نقلوا عن شيخهم زرادشت أنّ النور والظلمة أصلان للعالم متضادّان ، وحصلت التراكيب في (٣) الصور من امتزاجهما ، والباري تعالى خالق لهما ، وهو واحد لا شريك له ، والخير والشر من امتزاج النور والظلمة ، ولو لم يمتزجا لما حصل (٤) وجود العالم ، وهما متغالبان إلى أن يغلب النور الظلمة والخير الشر ، ويتخلّص الخير إلى عالمه وينحطّ الشرّ إلى عالمه ، وإنّما مزجهما الله تعالى لحكمة رآها وربّما جعل النور أصلا موجودا والظلمة تبعا له كالظلّ بالنسبة إلى الشخص. هذا حاصل مذهبهم (٥).
__________________
(١) كذا في النسختين ولكنه غلط والصحيح : هرمز. نعم يظهر بعد التأمل في ـ خ : (آ) أنّه كتب صحيحا (هرمز) ولكن الناسخ حرّفه.
(٢) أهرمن ـ خ : (د) و ـ خ : (آ) وهو غلط.
(٣) و ـ خ : (د).
(٤) لم يحصل ـ خ : (آ).
(٥) يقال لهم : أوّلا : إنّ قولهم بامتزاج النور والظلمة مجرّد ادّعاء وتخيّلات وأوهام لا دليل لهم على إثبات زعمهم هذا ، وثانيا : كيف يتصوّر امتزاج النور والظلمة واختلاطهما وهما متضادان؟ مع أنّ طبع كلّ واحد منهما على خلاف طبع الآخر.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في احتجاجاته على الثنوية : وكيف اختلط هذا النور والظلمة وهذا من طبعه ـ