الرابع : قوله تعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) (١).
وتقريره : أن نقول : علي عليهالسلام أقرب إلى النبي صلىاللهعليهوآله من أبي بكر نسبا ، وكلّ من كان كذلك كان إماما بعده ، أمّا الصغرى فظاهرة وأمّا الكبرى فللآية المذكورة ، ووجه دلالتها : أنّ أولوية ذوي الأرحام إمّا أن تكون في كلّ ما للميّت أن يتصرّف فيه أو في بعضه ، فإن كان الأوّل لزم انتقال ولاء (٢) النبي صلىاللهعليهوآله إلى ذوي رحمه ؛ لقضية العموم ، وإن كان الثاني فذلك البعض إمّا أن يكون هو الولاية أو غيرها ، والثاني باطل ؛ لعدم دلالة اللفظ عليه وعدم القرينة أيضا ، فيكون هو الولاية ؛ لدلالة القرينة وهي قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) (٣)
ومعلوم أنّ أولويّة النبيّ صلىاللهعليهوآله إنّما هي في الولاية (٤) ، وإذا احتمل اللفظ معنيين أحدهما عليه قرينة دون الآخر تعيّن ذو القرينة إلّا مع دليل أقوى وليس.
لا يقال : إن صحّ دليلكم فالعبّاس أولى بالمقام ؛ لأنّه عمّ وعليّ عليهالسلام ابن عمّ ، والعمّ أقرب من ابنه.
لأنّا نقول : إنّه وإن كان عمّا لكنّه من جهة الأب فقط ، وعليّ عليهالسلام ابن عمّه من جهة أبيه وأمّه ، سلّمنا أنّه أقرب لكنّه خرج بالدليل وهو عدم أفضليته وعصمته كما خرج الكافر والقاتل من الإرث ، ولأجل ذلك لم يدعها العبّاس وقال لعلي عليهالسلام : امدد يدك أبايعك.
الخامس : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله فعل معه أفعالا دالة على تعيينه لخلافته ، كتقديمه في السرايا والحروب (٥) والتنويه بفضائله ومؤاخاته وتزويجه ابنته وتصويب فتاويه وأحكامه وغير ذلك ، ولو لم يكن إلّا توليته على المدينة لما خرج إلى تبوك ، فقال له : إنّ المدينة
__________________
(١) الأحزاب ٣٣ : ٦.
(٢) ولاية النبي صلىاللهعليهوآله ـ خ : (آ).
(٣) الأحزاب ٣٣ : ٦.
(٤) هي الولاية ـ خ : (آ).
(٥) والحروب والثغور والتقوية ـ خ : (آ).