الثانية : سبب غيبته ، لا يجوز أن يكون قبيحا ؛ لما ثبت من عصمته عليهالسلام فتكون حسنا ، ولا يجب علينا معرفة وجه حسن كلّ فعل تفصيلا وإلّا لوجب معرفة وجه حسن خلق الحيّات والعقارب تفصيلا ، وهو باطل بالإجماع ، وحينئذ جاز أن يكون غيبته لمصلحة خفيّة استأثر الله تعالى بعلمها ، غير أنّا نذكر ما يمكن أن يكون سببا ، وهو الخوف كما استتر النبي صلىاللهعليهوآله تارة في الغار وتارة في الشعب ؛ خوفا من المشركين.
وقد دل (١) بعض الأخبار على أنّ غيبته عليهالسلام لذلك (٢) وتكون الغيبة حاصلة ما دام السبب باقيا ، ويكون الإثم في تعطيل الحدود والأحكام على من منه الخوف.
لا يقال : الخوف ليس مختصّا بزمانه عليهالسلام بل كان في زمن آبائه عليهمالسلام أيضا ، ثمّ إنّهم ظهروا وبيّنوا الشرائع (٣) لشيعتهم ولزموا التقية مع الظلمة ولم يستتروا ، فهلّا كان حاله كذلك؟
سلّمنا ، لكن الخوف ليس من شيعته فهلّا ظهر لهم خاصّة وأفتاهم وبيّن لهم ما اختلفوا فيه من الأحكام.
لأنّا نقول : أمّا الأوّل فقد أجاب السيد المرتضى (ره) عنه بما مضمونه : أنّه عليهالسلام غير متعبّد بالتقية ، بل فرضه الجهاد ومنابذة الأعداء وإقامة الدين ، كما دلّت عليه الأخبار المتواترة من الإمامية وغيرهم ، بخلاف آبائه عليهمالسلام فإنّ أكثرهم لم يكن مأمورا بالخروج والقيام والحرب بل كان متعبّدا بالتقية ، كما ورد عنهم عليهمالسلام : «ما منّا إلّا من وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه إلّا قائمنا فإنّه يخرج ولا بيعة لأحد في عنقه» فظهر الفرق بينه وبين آبائه كما أنّ عيسى عليهالسلام لم يحارب ولم يكن (٤) فرضه الجهاد.
__________________
ـ الارتداد؟ فأجاب بأنّه من الضروريات وإنكاره كفر ـ انظر كتاب علم الإمام المطبوع مع ترجمة علم الإمام للمظفّر (ره) ، ص ٨ طبعة تبريز فقد نقلنا هناك السؤال وجواب الشيخ (ره) له بعين ألفاظه.
(١) ذكر ـ خ : (آ).
(٢) كذلك ـ خ : (آ).
(٣) وأفتوا شيعتهم ـ خ : (آ).
(٤) ولا كان ـ خ : (آ).