أيدي رجال وأرجلهم ، فتلا عليه أبو بكر : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (١) فقال : أيقنت كأنّي لم أسمع هذه الآية ، فإن كان منكرا لموته أصلا فهو ممّا لم (٢) يشكّ في جهالته وتوجّه الطعن عليه ، وإن كان منكرا لموته في ذلك الوقت كما دلّ عليه قوله : حتّى يقطع ... إلى آخره ، فلا تكون الآية دليلا عليه ، فإنّها تدلّ على موته مطلقا وكان ينبغي أن يقول لأبي بكر : إنّي ما منعت موته مطلقا وإنّما منعته الآن ، لكن لم يقل ذلك وهو دليل على جهالته أيضا.
الثاني : أنّه أمر برجم امرأة حامل فقال له معاذ : إن يكن لك عليها سبيل فلا سبيل لك على ما في بطنها فرجع عن حكمه ، فإن كان ذلك مع جهله بعدم رجم الحامل فلا يصلح للخلافة ، وإن كان مع جهله بحملها فكان ينبغي له أن يسأل ، فإنّ الحمل أحد موانع الرجم وكان ينبغي لمعاذ أن يقول : هي حامل ولا يقول : إن يكن عليها سبيل.
الثالث : أنّه أمر برجم مجنونة فنبّهه عليّ عليهالسلام وقال له : رفع القلم عن ثلاثة ، فقال: لو لا علي لهلك عمر ، وتوجيهه كما تقدّم.
الرابع : أنّه قال يوما في خطبته : «من غالى في مهر امرأته جعلته في بيت المال» فقالت امرأة : لم تمنعنا ما فرضه الله لنا بقوله : (وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً) (٣) فقال : كلّ أفقه من عمر حتّى المخدّرات.
الخامس : أنّه فضّل عائشة وحفصة في العطاء من بيت المال ، وكان يعطيهما كلّ سنة عشرة آلاف درهم ويعطي الباقيات خمسة آلاف من غير دليل ، ولم يفعل ذلك أبو بكر ولا عثمان ، ولذلك طعنت عائشة على عثمان وقالت : اقتلوا نعثلا.
السادس : أنّه اقترض من بيت المال ثمانين ألف درهم وليس له ذلك إلّا بإذن جميع المسلمين ؛ لأنّ لكل واحد منهم حقّا (٤).
__________________
(١) الزمر ٣٩ : ٣٠.
(٢) لا ـ خ : (آ).
(٣) النساء ٤ : ٢٠.
(٤) كان عمر عالما بأنّ لعموم المسلمين حقّا في بيت المال ، ولكن لمّ لم يستأذن في ذلك كما استاذن في أخذ ـ