على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة» وهذا يدلّ على بلوغه مبلغا لا يدركه غيره.
الخامس : قوله : «لو كسرت لي الوسادة فجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل الفرقان بفرقانهم ، والله ما من آية نزلت في برّ ولا بحر ولا سهل ولا جبل ولا ليل ولا نهار إلّا وأنا أعلم فيمن نزلت وفي أيّ شيء نزلت».
ولا يرد : كون (١) تلك الكتب منسوخة فلا يكون الحديث صحيحا ؛ لأنّ المراد : الحكم بها لو لا النسخ ، أو باستخراج المواضع الدالّة على نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، ليكون أقوى في الحجّة عليهم.
السادس : قوله عليهالسلام : «علّمني رسول الله صلىاللهعليهوآله ألف باب من العلم ، وفتح لي من كلّ باب ألف باب» (٢).
الثاني : تفصيلي ، وهو وجوه :
الأوّل : أنّ أشرف العلوم علم الكلام ، ومعلوم أنّه ورد في كلامه عليهالسلام من سائر أنواعه من التوحيد والعدل والنبوّات والقضاء والقدر ما لا يوجد في كلام غيره ، وقد بيّنا في شرح النهج (٣) انتساب سائر الفرق إليه فيه.
الثاني : علم التفسير ، وفيه إليه تشدّ الرحال حتّى أنّه شرح لابن عبّاس في تفسير باء بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من أوّل الليل إلى آخره.
الثالث : علم الفقه ، ورجوع الصحابة إليه فيه مشهور كرجوع عمر في قضية
__________________
ـ نهج البلاغة في مجلّد مستقل ، وهو مطبوع سنة ١٣٩٠ بإيران ، باهتمام المتضلّع المتتبع الخبير السيد جلال الدين الأرموي المحدّث نزيل طهران زاد الله تعالى في تأييداته ووفّقه لمرضاته.
(١) إنّ ـ خ : (آ).
(٢) الإرشاد ، ص ١٧ ، طبعة تبريز.
(٣) يقصد به شرح نهج المسترشدين للعلّامة (ره) ، وقد سمّاه بإرشاد الطالبين مطبوع ببمبئي ، ولكن فيه أغلاط كثيرة في الطبع ، راجع ص ١٧٨.