وقفوا معه في الحروب.
الخامس : الزهد ، وكان فيه الغاية القصوى حتّى أنّه أعرض عن الدنيا إعراض من لم ينل منها ذرّة ، مع أنّه كان يجبى إليه حاصلها ، وقال : إليك عنّي يا دنيا ، فقد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها وقال : لقد رقّعت مدرعتي حتّى استحييت من راقعها ، وكان يختم أوعية طعامه لئلّا يوضع له في خبزه أدام.
السادس : السخاء (١) والكرم ، وهو في ذلك الآية الكبرى ، فمن سخائه أنّه لم يستردّ فدكا أيام خلافته ، واعترف أعداؤه بسخائه حتّى قال معاوية : «لو يملك ابن أبي طالبعليهالسلام بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفق تبره قبل تبنه» وعمّر عليهالسلام عدّة حدائق وتصدّق بها (٢) وآثر بقوته وقوة عياله حتّى نزلت فيهم سورة هل أتى.
السابع : الحلم ، وهو الذي حلم عن مروان يوم الجمل وكان شديد العداوة ، وعن عبد الله بن الزبير وكان يشتم عليا عليهالسلام ظاهرا ، وأفرج لمعاوية عن الشريعة لمّا ملكها وكان معاوية قد منعها أوّلا ، وأكرم عائشة وبعث معها عشرين امرأة إلى المدينة بعد حربها (٣).
__________________
(١) السخاوة ـ خ : (د).
(٢) راجع في تفصيل صدقاته عليهالسلام المناقب لابن شهرآشوب (ره) ، والوافي للفيض (ره) والبحار وغيرها وقضية عين أبي نيزر مذكورة في الكامل للمبرّد ج ٣ ، ص ٩٣٨ طبعة مصر ، وكتبنا في سالف الزمان رسالة مستقلة بالفارسية في هذا الباب ، والله الموفق.
(٣) راجع تاريخ الجمل : النصرة في حرب البصرة للشيخ المفيد (ره) ، وقد تبع المصنّف (ره) في قوله : «وبعث معها عشرين امرأة» لابن أبي الحديد المعتزلي في شرح نهج البلاغة ، ولكن التحقيق هو ما ذكره الشيخ المفيد (ره) وقال : ولمّا عزم أمير المؤمنين عليهالسلام على المسير إلى الكوفة أنفذ إلى عائشة يأمرها بالرحيل إلى المدينة ، فتهيأت لذلك وأنفذ معها أربعين امرأة ألبسهنّ العمائم والقلانس وقلّدهن السيوف ، وأمرهن أن يحفظنها ويكن عن يمينها وشمالها ومن ورائها ، فجعلت عائشة تقول في الطريق : اللهمّ افعل بعليّ بن أبي طالب عليهالسلام وافعل ، بعث معي الرجال ولم يحفظ بي حرمة رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما قدمن المدينة معها ألقين العمائم والسيوف ودخلن معها ، فلما رأتهن ندمت على ما فرطت بذمّ أمير المؤمنين عليهالسلام وسبّه وقالت جزى الله ابن أبي طالب خيرا فلقد حفظ فيّ حرمة رسول الله ص ٢٠٧ طبعة النجف.
قلت : ولكن عائشة نفسها لم تحفظ حرمة رسول الله صلىاللهعليهوآله وخرجت عن بيتها وركبت الجمل وجاءت إلى ـ