الاتّفاق لمسلم كما هو مشهور ، ومع هذه الأمارات الغالبة يجب على الإمام عليهالسلام القيام وإلّا لم يكن معذورا.
وأمّا مخالفته لنصحائه فلعلّهم لم يحصل لهم (١) من الظنّ ما حصل له ؛ لعدم وقوفهم على الرسائل وغيرها من الأمارات الدالّة على الظفر ، وإنّما لم يرجع لمّا سمع بقتل مسلم ، فقيل : لعدم تصديقه الخبر أو إنّه أراد التوجّه إلى العجم (٢) والشام إلى يزيد أو علم أنّهم يلحقوا (٣) به. ولم ينفعه الرجوع ؛ لأنّه كان منتقلا بالأهل والعيال والرحل ، وهذا عندي أقوى ، ولهذا قيل : إنّه لما سمع همّ بالرجوع فقام إليه بنو عقيل ، وقالوا : والله لا ننصرف حتّى ندرك ثارنا أو نذوق ما ذاق أخونا (٤) ، فقال عليهالسلام : لا خير في العيش بعد هؤلاء ثمّ لحقه الحرّ ومن معه وسألوه أن يقدم على ابن زياد ، فسار معهم حتّى قدم عمر بن سعد في عسكر عظيم ، فقال عليهالسلام لعمر : اختاروا منّي إمّا الرجوع إلى مكّة أو أن أضع يدي على يد يزيد ، يرى فيّ رأيه (٥) وإمّا تسيّروني إلى ثغر من ثغور
__________________
ـ نعم هذا الكلام إن كان بناء على ظاهر الحال الذي كان وظيفة الإمام عليهالسلام المشي عليه فهو صحيح ، فإنّ تكليفه كان في العمل بما هو نتيجة الأسباب الظاهرية ، ولم يكن من وظيفته العمل بعلم إمامته عليهالسلام ولم يكن مكلّفا به ، فإنّ هذا العلم لا يكون متعلّقا للتكليف ، وقد شرحنا هذا المطلب في إضافاتنا على كتاب أنيس الموحّدين بالفارسية ، انظر ص ٢٣٦ ـ ٢٣٧ طبعة تبريز سنة ١٣٩٢ ، وانظر إلى رسالة «بحثى كوتاه درباره علم امام عليهالسلام» بالفارسية لسيدنا العلامة الطباطبائي دام ظلّه مع مقدّمتنا عليه ، طبعة تبريز سنة ١٣٩٦.
(١) هذا الكلام بناء على ظاهر الحال وإلّا كان ابن عباس ومحمد بن الحنيفة وعبد الله جعفر وابن عمر وغيرهم عالمين ، بأنّه عليهالسلام سوف يصير شهيدا بطفّ العراق ، وكان ذلك بإخبار النبيّ صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام كما هو غير خفي على من راجع التواريخ وكتب المقاتل ، ويشهد به قول ابن عمر كما نقله المصنف (ره) : أستودعك الله من قتيل. فإنّه من أين علم أنّه قتيل؟ ليس إلّا من إخبار رسول الله صلىاللهعليهوآله. انظر إلى قول ابن عمر هذا في إسعاف الراغبين ص ١٨٦ ـ ١٨٧ ؛ تذكرة الخواصّ ص ٢٥١ ؛ نظم درر السمطين ، ص ٢١٤.
(٢) هنا تعليق يأتي في آخر الكتاب.
(٣) يلحقونه ـ خ : (آ).
(٤) أبونا ـ خ : (د) وكذا في تنزيه الأنبياء للسيد (ره) ، ولكن الطبري في التاريخ موافق لما أثبتناه.
(٥) ليت المصنّف (ره) كان نقل مصدر هذا النقل ، وذكر أنّه من أين أخذ ذلك ونسبه إلى الإمام عليهالسلام ، ولعلّه أخذه من الطبري في تأريخه ولكن هذه الخصال : اختاروا منّي ... لم يثبت في التاريخ ، وما نقله الطبري ـ