المسلمين ، فكتب (١) بذلك إلى ابن زياد فأبى إلّا نزوله إلى حكمه وتمثّل :
الآن إذ (٢) علقت مخالبنا به |
|
يرجو النجاة ولات حين مناص |
وعلم الحسين عليهالسلام أنّه إن نزل على حكمه تعجّل الذلّ والعار وآل أمره بعد ذلك إلى القتل ، فاختار الشهادة والموتة الكريمة على الدخول تحت الذلّ ، ولذلك قال بعض الفضلاء : إنّ جهاد الحسين عليهالسلام كان بحسب ذلك المقام الذي هو فيه ، فلا يرد عليه شيء من الإيرادات في مراعاة الشرائط الشرعية للجهاد (٣).
والفرق حينئذ بينه وبين أخيه عليهماالسلام ظاهر ؛ أمّا أوّلا ، فإنّ أخاه إنّما قعد عند تخاذل أصحابه وتفرّقهم في الآراء بحسب مكيدة معاوية ، والحسين عليهالسلام إنّما قام حين ظهرت له أمارات الظفر ، ولمّا انعكس الأمر عليه لم يتمكّن من القعود.
وأمّا ثانيا ، فلجواز اختلاف التكليف بحسب اختلاف الزمان والأحوال ، فجاز أن يكون تكليف الحسين عليهالسلام القيام مطلقا ، ولا مانع في العقل منه وإن أدّى إلى ضرر (٤) ، لاشتماله على مصلحة عظيمة كقيام الشعار الإيماني مثلا ، (٥) فإنّه ربّما لو قعد عليهالسلام لا نطمس شعار الإمامة ولكان لقائل أن يقول : لو كان دعوى هذه الطائفة حقّا لقام لها قائم بذلك وإن كان هذا غير لازم ، لكن يمكن أن يخطر ذلك لبعض الجهّال.
__________________
ـ عن عقبة بن سمعان كما يأتي نقله هو الصحيح ؛ لأنّه الموافق للعقل والاعتبار والقرائن تدلّ على صحة قوله ، وما أخذه المصنف (ره) من الطبري ونقله بقوله : اختاروا منّي الخ ... من الأكاذيب التي شحن الطبري تاريخه بها ، كنسبة المهادنة إلى أمير المؤمنين عليهالسلام مع معاوية كذبا واختلاقا ، انظر إلى حوادث سنة ٤٠ من تاريخه ، ولهذا التعليق بقية تأتي في آخر الكتاب.
(١) ثم كتب ـ خ : (آ).
(٢) قد ـ خ : (آ).
(٣) بل جهاده عليهالسلام جهاد خاص وتضحية خاصة في سبيل إحياء الدين واستخلاصه من أيدي بني أمية أعداء النبي صلىاللهعليهوآله والقرآن والإسلام ، وقضية الحسين عليهالسلام لا تقاس بالقضايا المتعارفة حتّى يقال : هل روعي فيها شرائط الجهاد أولا؟
(٤) يعني بحسب الظاهر ، وأمّا في الواقع فهو عليهالسلام غالب ، فإن عمله «غالبية في صورة المغلوبية» وهو من كلمات الشيخ الأستاذ (ره).
(٥) مثلا ـ خ : (د).