وقال قوم بالثاني وإلّا لقبلت في الآخرة وحال المعاقبة ، واللازم باطل فكذا الملزوم.
والجواب : أنّ المراد بسقوط العقاب بها أنّها إذا وقعت بشرائطها لا تفتقر في سقوط العقاب إلى أمر زائد ، ومن جملة شروطها أنّها تقع ندما على القبيح لقبحه ، وفي الآخرة وحال المعاقبة يقع الإلجاء (١).
الثانية (٢) : يجب أن يندم على القبيح لكونه قبيحا وإلّا لكشف عن كونه غير تائب ، فإنّ من تاب عن شرب الخمر لإضرارها ببدنه غير تائب منها لقبحها ، فعلى هذا لو تاب عن المعصية خوفا من النار أو من فوات الجنة ويكون ذلك هو الغاية لم يكن تائبا (٣).
ثمّ القبيح إمّا من حقوق الله أو الآدمي ، والأوّل : إمّا فعل محرّم كالزنا والشرب (٤) ، فيكفي فيه الندم والعزم المتقدّمان ، أو ترك واجب فإن لم يكن له وقت معيّن كالزكاة والحجّ أتى به ، وإن كان له وقت معيّن فإن لم يسقط بخروج وقته وجب
__________________
ـ التائب عن المعاصي ، واحد وهو التفويض إلى مشيئة الله تعالى من غير قطع بالثواب أو العقاب ، فلا رجاء من الطاعات والتوبة ولا خوف من المعصية والإصرار ، وهذه جهالة جاهلة ومكابرة تائهة.
قلنا : حكم الكلّ واحد في أنّه لا يجب على الله تعالى في حقّهم شيء ، لكن يثيب المطيع والتائب البتة بمقتضى الوعد على تفاوت درجات ، ويعاقب العاصي المصرّ بمقتضى الوعيد على اختلاف دركات ، لكن مع احتمال العفو احتمالا مرجوحا فأين التساوي وانقطاع الخوف والرجاء؟ نعم خوفنا لا ينتهي إلى حدّ اليأس والقنوط ؛ إذ لا ييأس من روح الله إلّا القوم الكافرون انظر إلى شرح المقاصد ، ج ٢ ، ص ٢٤٣ طبعة إسلامبول.
أقول : إنّ التوبة الصحيحة إذا كانت عبادة وطاعة فتكون علّة لاستحقاق الثواب عليها ؛ ولأنّ التكليف إن لم يكن لفائدة فهو عبث لا يصدر عن الحكيم ، نعم سقوط العقاب بالتوبة تفضّل من الله تعالى ، كما تقدّم عن المصنّف (ره) بيان المطلبين.
(١) ولا ندم في صورة الإلجاء وبمنع كونه للقبح في صورة المعاينة والمعاقبة.
(٢) أي المسألة الثانية من مسألتي التوبة.
(٣) وفي ذلك نظر ، وقد حقّقنا هذا المطلب إجمالا في حواشينا على كنز العرفان للمصنّف (ره) ولا تنس قول الله تعالى : (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) الصافات ـ ٦١ فإنّه يدلّ على جواز العبادة لنيل الثواب والخلاص عن العقاب ، ولا شكّ أنّ التوبة عبادة ، فالتوبة خوفا من النار أو طمعا في الجنة صحيحة.
(٤) والشراب ـ خ : (د).