ومن ثمّ كان ما يحكيه كعب عن الكتب القديمة ، ليس بحجة عند أحد من أهل العلم والتحقيق ، ولم يثبته أهل الحديث الأوائل. قال شعيب الأرناءوط : وأخطأ من زعم أنه خرّج له البخاري ومسلم ، فإنّهما لم يسندا من طريقه شيئا من الحديث. وإنّما جرى ذكره في الصحيحين عرضا. قال : ولم يؤثر عن أحد من المتقدمين توثيق كعب إلّا أنّ بعض الصحابة ـ يعني معاوية ـ أثنى عليه بالعلم (١).
وقد سمعت قول معاوية ـ صديقه الوفيّ ـ بشأنه ، حينما حجّ في خلافته : إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب ، وإن كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب (٢).
قال ابن حجر : وروى عنه من الصحابة عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وأبو هريرة ومعاوية (٣) ، وذكر ابن عباس أيضا. لكنّا قد فنّدنا ذلك بتفصيل. وفي «الطبقات» : أن تبيع ابن امرأة كعب حمل من كعب علما كثيرا (٤).
قال أحمد أمين : وأما كعب الأحبار فيهوديّ من اليمن ، ومن أكبر من تسرّبت منهم أخبار اليهود إلى المسلمين. وقد أخذ عنه اثنان ، هما أكبر من نشر علمه : ابن عباس! وأبو هريرة. وما نقل عنه يدل على علمه الواسع بالثقافة اليهوديّة وأساطيرها. جاء في «الطبقات الكبرى» حكاية عن رجل دخل المسجد فإذا عامر بن عبد الله بن عبد قيس جالس إلى كتب وبينها سفر من أسفار التوراة وكعب يقرأ. وقد لاحظ بعض الباحثين أن بعض الثقات كابن قتيبة والنووي
__________________
(١) هامش سير أعلام النّبلاء ، ج ٣ ، ص ٤٩٠. ومعاوية هو الذي أثنى عليه بالعلم. راجع : فتح الباري ، ج ١٣ ، ص ٢٨٢.
(٢) راجع : البخاري بهامش الفتح ، ج ١٣ ، ص ٢٨٢.
(٣) الإصابة ، ج ٣ ، ص ٣١٦.
(٤) الطبقات ، ج ٧ ، ق ٢ ، ص ١٦٠ ، س ١٠.