مدافعته النار حتى أطفأها ، كما ذكره ابن حجر ، قال : له قصّة مع عمر فيها كرامة واضحة لتميم وتعظيم كثير من عمر له ـ فذكرها في ترجمة معاوية بن حرمل ـ وهي : أنّ معاوية بن حرمل ـ صهر مسيلمة الكذّاب والذي ارتدّ معه ـ جاء إلى المدينة تائبا ، فلبث في المسجد لا يؤوي ولا يطعم شيئا. قال فأتيت عمر ، فقلت : تائب من قبل أن تقدر عليه. قال : من أنت؟ قلت : معاوية بن حرمل. قال : اذهب إلى خير المؤمنين ، فأنزل عليه.
قال : وكان تميم الداري إذا صلّى ضرب بيديه على يمينه وشماله فذهب برجلين ، فصلّيت إلى جنبه. فأخذني ، فأوتينا بطعام. فبينا نحن ذات ليلة ؛ إذ خرجت نار بالحرّة ، فجاء عمر إلى تميم يستنجده ، فقال : قم إلى هذه النار. فقال : يا أمير المؤمنين : ومن أنا! وما أنا ، وما تخشى أن يبلغ من أمري! يستصغر نفسه.
فلم يزل به عمر حتى قام معه ، وتبعتهما. فانطلقا إلى النار. فجعل تميم يحوشها (أي يدفعها إلى الداخل) بيده حتى دخلت الشعب ، ودخل تميم خلفها. فجعل عمر يقول : ليس من رأى كمن لم ير! قالها ثلاثا. قال : فخرج ولم تضرّه النار (١).
قال الذهبي : هذه القصة سمعها عفان من حماد بن سلمة عن الجريري عن أبي العلاء عن ابن حرمل. قال : وابن حرمل لا يعرف.
قلت : قد أهمل معاوية بن حرمل في كتب ترجمة الرجال.
وهذا الكاهن المسيحي ـ الذي بقيت معه نزعته المسيحية (الرهبنة) إلى ما
__________________
(١) ابن حجر في الإصابة في ترجمة معاوية بن حرمل ، ج ٣ ، ص ٤٩٧. وسير أعلام النبلاء ، ج ٢ ، ص ٤٤٦ ـ ٤٤٧.