بعد إسلامه ـ هو أوّل من سن القصّ في المسجد ، وتكاد تتّفق الروايات على أنه أوّل قاصّ في الإسلام (١). وذلك كان على عهد عمر بن الخطاب ، ولعله في أواخر ولايته. روى الزهري عن السائب بن يزيد ، قال : أوّل من قصّ تميم الداري ، استأذن عمر ، فأذن له فقصّ قائما (٢). وروى عن ابن شهاب ، أنّ أوّل من قصّ في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تميم الداري ، استأذن عمر أن يذكّر الناس فأبى عليه ، حتى كان آخر ولايته فأذن له أن يذكّر الناس في يوم الجمعة قبل أن يخرج عمر. واستأذن تميم عثمان بن عفّان فأذن له أن يذكّر يومين في الجمعة ، فكان تميم يفعل ذلك.
قال أحمد أمين : وقد نما القصص بسرعة ؛ لأنه يتّفق وميول العامّة ، وأكثر القصاص من الكذب حتى رووا أن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام طردهم من المساجد ، واستثنى الحسن البصري ، لتحرّيه الصدق (٣).
وأما قصّة «الجسّاسة» ، فقد ذكر مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة ، بإسناده عن الحسين بن ذكوان عن ابن بريدة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس ، وكانت من المهاجرات الأول ، قالت : سمعت منادي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ينادي : الصلاة جامعة ، فخرجت إلى المسجد ، فصلّيت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فكنت في صفّ النساء التي تلي ظهور القوم. قالت : فلمّا قضى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك ، فقال : ليلزم كل إنسان مصلّاه ، ثم قال : أتدرون لم جمعتكم؟ قالوا : الله ورسوله أعلم. قال : إنّي والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ،
__________________
(١) كما قال أحمد أمين ، فجر الإسلام ص ١٥٩.
(٢) سير أعلام النبلاء ، ج ٢ ، ص ٤٤٧.
(٣) فجر الإسلام ، ص ١٥٩ ـ ١٦٠.