ولكن جمعتكم لأنّ تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء وبايع وأسلم ، وحدّثني حديثا وافق الذي كنت أحدّثكم عن مسيح الدجّال. حدّثني أنه ركب في سفينة بحريّة مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام ، فلعب بهم الموج شهرا في البحر ، ثم أرفئوا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس. فجلسوا في أقرب (جمع قارب وهو الزورق) السفينة فدخلوا الجزيرة ، فلقيهم دابّة أهلب (١) كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر ، فقالوا : ويلك ما أنت؟ فقالت : أنا الجسّاسة! (٢) قالوا : وما الجسّاسة؟ قالت : أيّها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير (الدير هو القصر) فإنّه إلى خبركم بالأشواق. قال (أي الداري) : لما سمّت لنا رجلا فرقنا (أي فزعنا) منها أن تكون (أي الدابّة) شيطانة. قال : فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير ، فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قطّ خلقا ، وأشدّه وثاقا ، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد. قلنا : ويلك ما أنت؟ قال : قد قدرتم على خبري ، فأخبروني ما أنتم؟ قالوا : نحن أناس من العرب. فقصّوا عليه قصّتهم ، فقال : أخبروني عن نخل بيسان! (٣) قلنا : عن أيّ شأنها تستخبر؟ قال : أسألكم عن نخلها هل تثمر؟ قلنا له : نعم. قال : أما أنه يوشك أن لا تثمر. قال : أخبروني عن بحيرة الطبريّة! قلنا : عن أي شأنها تستخبر؟ قال : هل فيها ماء؟ قالوا : هي كثيرة الماء. قال : أما أنّ ماءها يوشك أن يذهب. قال : أخبروني عن عين زغر (٤).
__________________
(١) غليظ الشعر.
(٢) في الهامش : سميّت جسّاسة لتجسّسها الأخبار للدجّال. قال صاحب التحفة : هي دابّة الأرض التي تخرج في آخر الزمان. راجع : شرح النووي. ج ١٨ ، ص ٧٨.
(٣) بيسان ، مدينة بالأردن بالغور الشامي ، وهي بين حوران وفلسطين. يقال عنها : إنها لسان الأرض وبها عين يقال : إنها من الجنة فيها ملوحة يسيرة. (معجم البلدان ، ج ١ ، ص ٥٢٧)
(٤) على وزان زفر : بلدة في الجانب القبلي من الشام.