كعب الأحبار ، فإنّه لما أسلم في الدولة العمريّة جعل يحدّث عمر عن كتبه قديما ، فربّما استمع له عمر ، فترخّص الناس في استماع ما عنده ، ونقلوا ما عنده عنه ، غثها وسمينها ، وليس لهذه الأمّة حاجة إلى حرف واحد مما عنده (١).
فقد كان العقد الثاني بعد وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عهد رواج القصص الأسطورية والإسرائيليات ، حسبما قال الدكتور أبو شهبة : إنّ بدعة القصّ قد حدثت في آخر عهد الفاروق : عمر بن الخطاب (٢).
وهل كان هناك نكير على هذا الفعيل؟
كان عمر بين حين وآخر يشدّد النكير على هذا الصنيع ، ولكن من غير تداوم عليه ، فكان هناك ـ رغم تشديد عمر ـ أناس يقومون بنسخ أو ترجمة كتب العهد القديم ، والتّحديث عنها بين المسلمين ، أما المراجعة إلى أهل الكتاب والقصّ على الناس فقد تعارف وشاع ذلك العهد.
أخرج الحافظ أبو يعلى الموصلي عن خالد بن عرفطة ، قال : كنت جالسا عند عمر ، إذ أتي برجل مسكنه السوس (٣). فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي؟ قال : نعم. قال : وأنت النازل بالسوس؟ قال : نعم. فضربه بقناة معه. فقال الرجل : ما لي يا أمير المؤمنين؟! فقال له عمر : اجلس ، فجلس ، فقرأ عليه : بسم الله الرحمن الرحيم. (الر ، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ. نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ، ج ٤ ، ص ١٧.
(٢) الإسرائيليات والموضوعات ، ص ٨٩.
(٣) سوس : مدينة شوش التي بها قبر دانيال ، من أرض خوزستان.