الأمم المختلفة مبثوثة بين المسلمين ، ومصدرا من مصادر الحركة التاريخيّة عندهم (١).
وعليه فنشطب على جميع ما ينقل عن أهل الكتاب فيما يمسّ تفسير القرآن أو تاريخ الأنبياء إذا كان نقلا بالشفاه وليس مستندا إلى نصّ كتاب قديم معتمد ؛ حيث مصدرها الشياع العام ، ولا اعتبار به أصلا. وسنورد أمثلة لإسرائيليّات دخلت على الإسلام ، وكان مصدرها الشياع والأسطوريّة.
ولعلك تقول : بعض ما نقل عن أهل الكتاب كان مصدره النقل من الكتاب ، إما يكتبونه منه أو ينقلونه عنه ، كما في زاملتي عبد الله بن عمرو بن العاص ، كان ينقل من كتب زعم العثور عليها في واقعة يرموك. وكما في نسخة عمر بن الخطاب التي جاء بها إلى النبيّ ، اكتتبها من كتب اليهود فيما حسب.
لكن لا يذهب عليك أن لا وثوق بنقلهم ولو عن كتاب ، ما دام الدسّ والتزوير شيمة يهوديّة جبلوا عليها من قديم (يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ) أي من عند أنفسهم (ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ) كذبا وزورا (لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً)(٢).
وهذا هو الذي فهمه ابن عباس منذ أوّل يومه فحذّر الأخذ عنهم بتاتا ، قائلا : وقد حدّثكم الله أنّ أهل الكتاب بدّلوا ما كتب الله وغيّروا بأيديهم الكتاب ، فقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلتهم (٣).
__________________
(١) فجر الإسلام ، ص ١٥٧.
(٢) البقرة / ٧٩.
(٣) جامع البخاري ، ج ٣ ، ص ٢٣٧.