بمعرفة ما ينقلونه من ذلك (١).
فعلى ما ذكره العلّامة ابن خلدون تكون جلّ المنقولات عن هؤلاء الكتابيّين ، لا وثوق بها ؛ حيث مصدرها الشياع القومي ، ولكل قوم أساطيرها المسطّرة في تاريخ حياتها ، يحكونها وينقلونها يدا بيد ، وهذا التنقّل حصل فيها التحريف والتبديل الكثير ، بما ألحقها بالخرافات والأوهام ، وهؤلاء أصحاب القوميّات المختلفة ، دخلوا في الإسلام ومعهم ثقافاتهم وتاريخهم ، أتوا بها وبثّوها بين المسلمين.
قال الأستاذ أحمد أمين : إن كثيرا من الشعوب المختلفة ذوات التواريخ دخلت في الإسلام ، فأخذوا يدخلون تاريخ أممهم ويبثّونه بين المسلمين ، إما عصبيّة لقومهم أو نحو ذلك. فكثير من اليهود أسلموا ومعهم ما يعلمون من تاريخ اليهوديّة وأخبار الحوادث ، حسبما روت التوراة وشروحها ، فأخذوا يحدّثون المسلمين بها ، وهؤلاء ربطوها بتفسير القرآن أحيانا ، وبتاريخ الأمم الأخرى أحيانا. إن شئت فاقرأ ما في الجزء الأوّل من «تاريخ الطبري» تجد منه الشيء الكثير ، مثل ما أسند عن عبد الله بن سلام ، أنه تعالى بدأ بالخلق يوم الأحد ، وفرغ في آخر ساعة من يوم الجمعة ، فخلق فيها آدم على عجل (٢) ـ حسبما جاء في التوراة ـ وكثير من هذا النوع روي حول ما ورد في القرآن من قصص الأنبياء.
كذلك كان للفرس تاريخ ، وكان لهم أساطير ، فلما أسلموا رووا تاريخهم ورووا أساطيرهم ، وكذلك فعل النصارى. فكانت هذه الروايات والأساطير عن
__________________
(١) مقدمة ابن خلدون ، ص ٤٣٩ ـ ٤٤٠.
(٢) تاريخ الطبري ، ج ١ ، ص ٢٤.