إسرائيليات بني إسرائيل ، وخرافاتهم ، والراوي قد يغلط ، وبخاصة في رفع الموقوف ، وقد حققنا هذا في مقدمات البحث ، وأنّ كونها صحيحة في نسبتها ، لا ينافي كونها باطلة في ذاتها. ولو أنّ الانتصار لمثل هذه الأباطيل يترتّب عليه فائدة ما ؛ لغضضنا الطرف عن مثل ذلك ، ولما بذلنا غاية الجهد في التنبيه إلى بطلانها ، ولكنّها فتحت على المسلمين باب شر كبير ، يجب أن يغلق.
قال الإمام أبو محمد الحسن بن علي العسكريّ عليهالسلام وقد سئل عن الذي يقوله الناس بشأن الملكين هاروت وماروت ، وأنهما عصيا الله ، قال : «معاذ الله من ذلك ، إنّ الملائكة معصومون محفوظون من الكفر والقبائح بألطاف الله تعالى.
فقد قال الله عزوجل فيهم : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ)(١).
وقال : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ) ـ يعني الملائكة ـ (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ)(٢).
وقال ـ في الملائكة ـ : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ. وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ)(٣).
وهكذا سأل الخليفة المأمون العباسي الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام عمّا يرويه الناس من أمر «الزهرة» وأنها كانت امرأة ، فتن بها هاروت وماروت ، وما
__________________
(١) التحريم / ٦.
(٢) الأنبياء / ١٩ ـ ٢٠.
(٣) الأنبياء / ٢٦ ـ ٢٨.