ونسبها إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وكذا ردّها المحققون من المفسرين الذين مهروا في معرفة أصول الدين ، وأبت عقولهم أن تقبل هذه الخرافات كالإمام الرازي ، وأبي حيان ، وأبي السعود ، والآلوسي.
ثم هذه من ناحية العقل غير مسلّمة ، فالملائكة معصومون عن مثل هذه الكبائر ، التي لا تصدر إلّا من عربيد. وقد أخبر الله عنهم بأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ، ويفعلون ما يؤمرون. كما ورد في بعض الروايات التي أشرنا إليها آنفا ردّ لكلام الله ، و
في رواية أخرى : أن الله قال لهما : لو ابتليتكما بما ابتليت به بني آدم لعصيتماني ، فقالا : لو فعلت بنا يا ربّ ما عصيناك!! ، وردّ كلام الله كفر ، ننزّه عنه من له علم بالله وصفاته ، فضلا عن الملائكة.
ثم كيف ترفع الفاجرة إلى السماء ، وتصير كوكبا مضيئا؟! وما النجم الذي يزعمون أنه «الزهرة» ، وزعموا أنه كان امرأة ، فمسخت؟ إلّا في مكانه ، من يوم أن خلق الله السماوات والأرض.
وهذه الخرافات التي لا يشهد لها نقل صحيح ، ولا عقل سليم هي كذلك مخالفة لما صار عند العلماء المحدثين أمرا يقينيا ، ولا أدري ما ذا يكون موقفنا أمام علماء الفلك ، والكونيّات ، إذا نحن لم نزيّف هذه الخرافات ، وسكتنا عنها ، أو انتصرنا لها؟!.
وإذا كان بعض العلماء المحدثين (١) مال إلى ثبوت مثل هذه الروايات التي لا نشك في كذبها ، فهذا منه تشدّد في التمسك بالقواعد ، من غير نظر إلى ما يلزم من الحكم بثبوت ذلك من المحظورات. ونحن لا ننكر أن بعض أسانيدها صحيحة أو حسنة ، إلى بعض الصحابة أو التابعين ، ولكن مرجعها ومخرجها من
__________________
(١) هو الحافظ ابن حجر ، وتابعه السيوطي.