منبّه قال : لما أسكن الله آدم وذريّته أو زوجته ـ الشك من أبي جعفر ، وهو في أصل كتابه «وذريته» ـ ونهاه عن الشجرة ، وكانت شجرة غصونها متشعّبة بعضها في بعض ، وكان لها ثمر تأكله الملائكة لخلدهم (١) ، وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته ، فلما أراد إبليس أن يستزلّهما دخل في جوف الحيّة ، وكانت للحيّة أربعة قوائم ، كأنها بختيّة (٢) من أحسن دابّة خلقها الله. فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس ، فأخذ من الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته ، فجاء بها إلى حواء ، فقال : انظري إلى هذه الشجرة ، ما أطيب ريحها ، وأطيب طعمها ، وأحسن لونها! فأخذت حواء فأكلت منها ، ثم ذهبت بها إلى آدم ، فقالت له مثل ذلك ، حتى أكل منها ؛ فبدت لهما سوءاتهما. فدخل آدم في جوف الشجرة ، فناداه ربه : يا آدم أين أنت؟ قال : أنا هنا يا رب. قال : ألا تخرج؟ قال : أستحيي منك يا رب. قال : ملعونة الأرض التي خلقت منها ، لعنة يتحوّل ثمرها شوكا. ثم قال : يا حواء ، أنت التي غررت عبدي ، فإنك لا تحملين حملا إلّا حملتيه كرها ، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارا. وقال للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غرّ عبدي ، ملعونة أنت لعنة تتحوّل قوائمك في بطنك ، ولا يكن لك رزق إلّا التراب ، أنت عدوّة بني آدم ، وهم أعداؤك. قال عمرو : قيل لوهب : وما كانت الملائكة تأكل!! قال : يفعل الله ما يشاء (٣). قال ابن جرير : وروى ابن عباس نحو هذه القصة.
__________________
ذلك رعاية للأمانة في الرواية ، والظاهر لفظ «زوجته» لأن آدم عليهالسلام لم تكن له ذريّة في الجنة.
(١) وكيف والملائكة لا تأكل ولا تشرب؟.
(٢) وهي الأنثى من الجمال البخت. والذكر البختيّ ، وهي جمال طوال الأعناق.
(٣) هذا تهرّب من الجواب ، وعجز عن تصحيح هذا الكذب الظاهر.