ثم ذكر ابن جرير بسنده عن ابن عباس ، وعن ابن مسعود ، وعن ناس من الصحابة نحو هذا الكلام (١) ، وفي السند أسباط عن السدي ، وعليهما تدور الروايات.
وكذلك ذكر السيوطي في «الدر المنثور» ما رواه ابن جرير وغيره في هذا ، مما روي عن ابن عباس ، وابن مسعود ، ولكنه لم يذكر الرواية عن وهب بن منبّه (٢) ، وأغلب كتب التفسير بالرأي ذكرت هذا أيضا. وكل هذا من قصص بني إسرائيل الذي تزيّدوا فيه ، وخلطوا حقا بباطل ، ثم حمله عنهم الضعفاء من الصحابة والتابعين ، وفسّروا به القرآن الكريم.
ولقد أحسن ابن جرير ، فقد أشار بذكره الرواية عن وهب إلى أن ما يرويه عن ابن عباس ، وابن مسعود ، إنما مرجعه إلى وهب وغيره من مسلمة أهل الكتاب ، ويا ليته لم ينقل شيئا من هذا ، ويا ليت من جاء بعده من المفسرين صانوا تفاسيرهم عن مثل هذا. وفي رواية ابن جرير الأولى ما يدل على أن الذين رووا عن وهب وغيره كانوا يشكّون فيما يروونه لهم ، فقد جاء في آخرها : (قال عمرو (٣) : قيل لوهب : وما كانت الملائكة تأكل؟! قال : يفعل الله ما يشاء) فهم قد استشكلوا عليه ؛ كيف أن الملائكة تأكل؟! وهو لم يأت بجواب يعتدّ به.
ووسوسة إبليس لآدم عليهالسلام لا تتوقف على دخوله في بطن الحية ؛ إذ الوسوسة لا تحتاج إلى قرب ولا مشافهة ، وقد يوسوس إليه وهو على بعد أميال منه. والحية خلقها الله يوم خلقها على هذا ، ولم تكن لها قوائم كالبختي ، ولا شيء من
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ١ ، ص ١٨٦ و ١٨٧.
(٢) الدر المنثور ، ج ١ ، ص ٥٣.
(٣) هو عمرو بن عبد الرحمن بن مهرب ، الراوي عن وهب.