الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)(١). وقال تعالى : (فَأَنْجَيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ)(٢). وقال تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ)(٣) ، وإذا كان ابن نوح الكافر غرق ، فكيف يبقى عوج بن عنق ، وهو كافر ، وولد زنية؟! هذا لا يسوغ في عقل ، ولا شرع ، ثم في وجود رجل يقال له : عوج بن عنق ، نظر ، والله أعلم (٤).
وقال ابن قيم الجوزية ، بعد أن ذكر حديث عوج : «وليس العجب من جرأة من وضع هذا الحديث ، وكذب على الله ، وإنما العجب ممن يدخل هذا في كتب العلم من التفسير وغيره ، فكل ذلك من وضع زنادقة أهل الكتاب الذين قصدوا الاستهزاء ، والسخرية بالرسل وأتباعهم».
قال أبو شهبة : وسواء أكان عوج بن عوق شخصيّة وجدت حقيقة ، أو شخصيّة خياليّة ، فالذي ننكره هو : ما أضفوه عليه من صفات وما حاكوه حوله من أثواب الزور والكذب والتجرّؤ ، على أن يفسر كتاب الله بهذا الهراء. وليس في نص القرآن ما يشير إلى ما حكوه وذكروه ، ولو من بعد ، أو وجه الاحتمال ، ثم أين زمن نوح من زمن موسى عليهالسلام وما يدل عليه آية : (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها)(٥) كان في زمن موسى قطعا ، ولا مرية في هذا ، فهل طالت الحياة بعوج حتى زمن موسى؟! بل قالوا : إن موسى هو الذي قتله ، ألا لعن الله اليهود ، فكم من علم أفسدوا وكم من خرافات وأباطيل
__________________
(١) نوح / ٢٦.
(٢) الشعراء / ١١٩ ـ ١٢٠.
(٣) هود / ٤٣.
(٤) تفسير ابن كثير ، ج ٢ ، ص ٣٨.
(٥) المائدة / ٢٢.