أن يرحمكم الله تعالى. وأوحى الله تعالى إلى عيسى عليهالسلام : إنّي آخذ المكذّبين بشرطي ، فإنّي معذّب منهم من كفر بالمائدة بعد نزولها عذابا لا أعذّبه أحدا من العالمين. فلما أمسى المرتابون بها ، وأخذوا مضاجعهم في أحسن صورة مع نسائهم آمنين ، فلما كان في آخر الليل مسخهم الله خنازير ، فأصبحوا يتبعون الأقذار في الكناسات.
قال ابن كثير في تفسيره بعد ذكره : «هذا أثر غريب (١) جدا قطعه ابن أبي حاتم في مواضع من هذه القصة ، وقد جمعته أنا ليكون سياقة أتم ، وأكمل ، والله سبحانه وتعالى أعلم».
ومن هذه الروايات الغريبة دخل البلاء على الإسلام والمسلمين ؛ لأن غالبها لا يصح ، ولذا قال الإمام أحمد بن حنبل : «لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير ، وعامّتها عن الضعفاء».
وقال الإمام مالك : «شرّ العلم الغريب ، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس».
وقال ابن المبارك : «العلم : الذي يجيئك من هاهنا وهاهنا» يعني المشهور الذي رواه الكثيرون. رواها البيهقي في المدخل ، وروي عن الزهري أنه قال : «ليس من العلم ما لا يعرف ، إنما العلم ما عرف وتواطأت عليه الألسن» (٢).
والعمدة أنّ أصل القصة ثابت بالقرآن الذي لا شكّ فيه ، وإنما موضع الشك في كلّ هذه التزيّدات التي هي من الإسرائيليات.
__________________
(١) الغريب : ما تفرّد به رواته في كل السند أو بعضه ، ومنه الصحيح ، ومنه غير الصحيح وهو الغالب والكثير.
(٢) تدريب الراوي ، ص ١٩٢.