سليمان البحراني التوبلي الكتكاني المتوفّى سنة (١١٠٩) ، وهذان اقتصرا على المأثور عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام. وقد زاد عليهما وبسط الكلام في هذا النوع من التفسير المولى صالح البرغاني القزويني المتوفّى سنة (١٢٩٤) ، له تفسير كبير معتمد على المأثور من أحاديث أهل البيت عليهمالسلام.
وأما المناهج التفسيرية التي يسلكها المفسّر ويتّجه نحوها في تفسيره للآيات القرآنية ، فتختلف حسب اختلاف اتجاهات المفسرين وأذواقهم ، وأيضا حسب معطياتهم ومواهبهم في العلوم والمعارف وأنحاء الثقافات ، فمنهم من لا يعدو النقل ، معتقدا أن لا سبيل للعقل في تفسير كلامه تعالى ، ومنهم من أجاز للعقل التدخّل فيه ، ويرى للرأي والنظر والاجتهاد مجالا واسعا في التفسير ؛ حيث قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها)(١) وقوله تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(٢) فللتّدبّر في القرآن ، والتفكّر حول آياته ومفاهيمه مجال واسع ، قد فتح القرآن ذاته أبوابه بمصراعين. غير أنّ بعضهم أسرف في التعقّل ، وربّما التحق بالتوهّم المتكلّف فيه.
وعلى أيّ تقدير ، فالمنهج الذي انتهجه المفسرون إمّا نقليّ أو اجتهاديّ. وقد عرفنا سبيل النقلي واعتماده على المأثور من الآراء والأقوال ، إما مع شيء من البيان والتوضيح ، كما سلكه أبو جعفر الطبري ، أو مجرد النقل من غير نظر وبيان ، كالذي انتهجه جلال الدين السيوطي والسيد البحراني.
وأما النظري الاجتهادي فمعتمده إما مجرد الرأي الخاصّ حسب عقيدته
__________________
(١) محمّد / ٢٤.
(٢) النحل / ٤٤.