المشكلات ، وللعلماء فيها كلام طويل ، ونزاع عريض ، وما ذكرناه هو الذي يشير إليه الجبائي ، وهو مما لا بأس به بعد إغضاء العين عن مخالفته للمرويات». ثم قال : «وقد يقال : أخرج ابن جرير عن الحبر : أن الآية نزلت في تسمية آدم ، وحواء ولديهما بعبد الحارث ، ومثل ذلك لا يكاد يقال من قبل الرأي ، وهو ظاهر في كون الخبر تفسيرا للآية. وأنت قد علمت أنه إذا صح الحديث فهو مذهبي ، وأراه قد صحّ ، ولذلك أحجم كميت قلمي عن الجري ، في ميدان التأويل ، كما جرى غيره ، والله تعالى الموفق للصواب» (١).
وبعض المفسرين أعرض عن ذكر هذه المرويات ، وذلك كما صنع صاحب «الكشاف» ، وتابعه النسفي.
وبعض المفسرين عرض لها ، ثم بيّن عدم ارتضائه لها ، وذلك كما صنع القرطبي في تفسيره ، فقال : ونحو هذا مذكور في ضعيف الحديث ، وفي الترمذي وغيره ، وفي الإسرائيليات كثير ليس لها إثبات ، فلا يعول عليها من له قلب ، فإن آدم وحواء ، وإن غرّهما بالله الغرور ، فلا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، على أنه قد سطر ، وكتب ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «خدعهما مرتين : خدعهما في الجنة ، وخدعهما في الأرض» (٢).
ولكن فارس هذه الحلبة وهو ابن كثير ، فقد نقد المرويات نقدا علميا أصيلا ، على مناهج المحدّثين وطريقتهم في نقد الرواة ، وبيّن أصل هذه المرويات ، وأن مرجعها إلى الإسرائيليات.
__________________
(١) تفسير الآلوسي ، ج ٩ ، ص ١٣٩ و ١٤٢.
(٢) تفسير القرطبي ، ج ٧ ، ص ٣٣٨.