بضع سنين ، فقال يوسف : وهو في ذلك عني راض ، قال : نعم ، قال : إذا لا أبالي.
وقال كعب الأحبار : قال جبريل ليوسف : إن الله تعالى يقول : من خلقك؟ قال : الله عزوجل قال : فمن حببك إلى أبيك؟ قال : الله ، قال : فمن نجاك من كرب البئر؟ قال : الله ، قال فمن علّمك تأويل الرؤيا؟ قال الله ، قال : فمن صرف عنك السوء ، والفحشاء؟ قال : الله ، قال : فكيف استشفعت بآدمي مثلك؟ (١). فلما انقضت سبع سنين ـ قال الكلبي : وهذه السبع سوى الخمسة (٢) التي قبل ذلك ـ جاءه الفرج من الله ، فرأى الملك ما رأى من الرؤيا العجيبة ، وعجز الملأ عن تفسيرها ، تذكّر الساقي يوسف ، وصدق تعبيره للرؤى ، فذهب إلى يوسف ، فعبّرها له خير تعبير ؛ فكان ذلك سبب نجاته من السجن ، وقول امرأة العزيز : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).
وأغلب الظن عندنا أن هذا من الإسرائيليات ، فقد صوّرت سجن يوسف على أنه عقوبة من الله لأجل الكلمة التي قالها ، مع أنه عليهالسلام لم يقل هجرا ، ولا منكرا ، فالأخذ في أسباب النجاة العاديّة ، وفي أسباب إظهار البراءة والحق ، لا ينافي قط التوكّل على الله تعالى. والبلاء للأنبياء ليس عقوبة ، وإنما هو لرفع درجاتهم ، وليكونوا أسوة وقدوة لغيرهم ، في باب الابتلاء. وفي الحديث الصحيح عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أشدّ الناس بلاء الأنبياء ، ثمّ الأمثل فالأمثل».
وقد روى ابن جرير هاهنا حديثا مرفوعا ، فقال : حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن إبراهيم بن يزيد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن
__________________
(١) تفسير البغوي ، ج ٢ ، ص ٤٢٨.
(٢) بعض المفسرين لا يكتفي بالسبع بل يضم إليها خمسا قبل ذلك. ولا أدري ما مستنده في هذا؟ وظاهر القرآن لا يشهد له. ولو كان كذلك لصرّح به القرآن ، أو أشار إليه.