بيت المقدس ، فسبى أهلها ، وأحرق بيت المقدس ، وقال لهم : يا بني إسرائيل ، إن عدتم في المعاصي عدنا عليكم بالسباء ، فعادوا في المعاصي ، فسيّر الله عليهم السباء الثالث ، ملك رومية ، يقال له : (فاقس بن اسبايوس) (١) فغزاهم في البر والبحر فسباهم ، وسبى حلي بيت المقدس ، وأحرق بيت المقدس بالنيران ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هذا من صنعة حلي بيت المقدس ، ويردّه المهدي إلى بيت المقدس ، وهو ألف سفينة ، وسبعمائة سفينة ، يرسي بها على «يافا» ، حتى تنقل إلى بيت المقدس ، وبها يجمع الله الأولين والآخرين. والغريب من ابن جرير ، كيف استجاز أن يذكر هذا الهراء ، وهذه التخريفات عن المعصوم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان عليه أن يصون كتابه عن أن يسوّده بأمثال هذه المرويات الباطلة (٢).
قال الإمام الحافظ ابن كثير :
«وقد روى ابن جرير في هذا المكان حديثا أسنده عن حذيفة مرفوعا مطوّلا ، وهو حديث موضوع لا محالة ، لا يستريب في ذلك من عنده أدنى معرفة بالحديث ، والعجب كل العجب كيف راج عليه مع جلالة قدره ، وإمامته ، وقد صرّح شيخنا أبو الحجاج المزي بأنه موضوع مكذوب ، وكتب ذلك على حاشية الكتاب ـ يعني كتاب تفسير ابن جرير ـ وقد وردت في هذا آثار كثيرة إسرائيلية ، لم أر تطويل الكتاب بذكرها ؛ لأن منها ما هو موضوع من وضع بعض زنادقتهم ، ومنها ما قد يحتمل أن يكون صحيحا ، ونحن في غنية عنها ولله الحمد ، وفيما قص الله علينا في كتابه غنية عما سواه من بقية الكتب قبله ، ولم يحوجنا الله ، ولا رسوله إليهم ، وقد أخبر الله عنهم أنهم لما طغوا وبغوا ، سلط الله عليهم عدوّهم ،
__________________
(١) في تفسير البغوي «قاقس بن استيانوس».
(٢) تفسير الطبري ، ج ١٥ ، ص ١٧ ـ ١٨