فقد ذكروا عن يأجوج ومأجوج الشيء الكثير من العجائب والغرائب ، قال السيوطي في «الدر المنثور» (١) : أخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، وابن عدي ، وابن عساكر ، وابن النجار ، عن حذيفة قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن يأجوج ، ومأجوج ، فقال : «يأجوج ومأجوج أمّة ، كل أمّة أربعمائة ألف أمّة ، لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه ، كل حمل السلاح». قلت : يا رسول الله ، صفهم لنا ، قال : «هم ثلاثة أصناف : صنف منهم أمثال الأرز». قلت : وما الأرز؟ قال : «شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء. قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هؤلاء الذين لا يقوم لهم جبل ، ولا حديد. وصنف منهم يفترش إحدى أذنيه ، ويلتحف بالأخرى ، لا يمرّون بفيل ، ولا وحش ، ولا جمل ، ولا خنزير إلّا أكلوه ، ومن مات منهم أكلوه ، مقدّمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق ، وبحيرة طبرية».
وقد ذكر ابن جرير في تفسيره هذه الرواية وغيرها من الروايات الموقوفة ، وكذلك صنع القرطبي في تفسيره. وإذا كان بعض الزنادقة استباحوا لأنفسهم نسبة هذا إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فكيف استباح هؤلاء الأئمة ذكر هذه المرويات المختلقة المكذوبة على رسول الله في كتبهم؟!
وهذا الحديث المرفوع نص الإمام أبو الفرج ابن الجوزي ـ في موضوعاته وغيره ـ على أنه موضوع ، ووافقه السيوطي في «اللئالئ» (٢) فكيف يذكره في تفسيره ولا يعقّب عليه؟!
وحقّ له أن يكون موضوعا ، فالمعصوم صلىاللهعليهوآلهوسلم أجلّ من أن يروى عنه مثل
__________________
(١) ج ٥ ، ص ٢٥٠ و ٢٥١.
(٢) اللئالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ، ج ١ ، ص ١٧٣ فما بعد.