الوجه ، وإسناده جيد قويّ ، ولكن متنه في رفعه نكارة ؛ لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكّنوا من ارتقائه ، ولا من نقبه ؛ لإحكام بنائه وصلابته وشدّته. ولكن هذا قد روي عن كعب الأحبار ، أنهم قبل خروجهم يأتونه ، فيلحسونه ، حتى لا يبقى منه إلّا القليل ، فيقولون : غدا نفتحه فيأتون من الغد وقد عاد كما كان ، فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلّا القليل ، فيقولون كذلك ، فيصبحون ، وهو كما كان ، فيلحسونه ويقولون : غدا نفتحه ، ويلهمون أن يقولوا : إن شاء الله ، فيصبحون ، وهو كما فارقوه ، فيفتحونه ، وهذا متجه. ولعل أبا هريرة تلقاه من كعب ، فإنه كان كثيرا ما كان يجالسه ، ويحدثه ، فحدّث به أبو هريرة ، فتوهّم بعض الرواة عنه أنه مرفوع ، فرفعه ، والله أعلم (١).
ومن الإسرائيليات المستنكرة في هذا ما روي أن يأجوج ومأجوج خلقا من مني خرج من آدم ، فاختلط بالتراب ، وزعموا : أن آدم كان نائما فاحتلم ، فمن ثم اختلط منيه بالتراب. ومعروف أن الأنبياء لا يحتلمون ؛ لأن الاحتلام من الشيطان.
قال ابن كثير : وهذا قول غريب جدا ، لا دليل عليه ، لا من عقل ولا من نقل ، ولا يجوز الاعتماد هاهنا على ما يحكيه بعض أهل الكتاب ، لما عندهم من الأحاديث المفتعلة ، والله أعلم (٢).
والخلاصة :
إن أصحاب الكهف ، وذا القرنين ، ويأجوج ومأجوج ، حقائق ثابتة لا شك ، وكيف لا؟ وقد أخبر بها الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولكن الذي ننكره أشد الإنكار هذه الخرافات والأساطير التي حيكت حولهم ،
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ٣ ، ص ١٠٥. وتفسير البغوي ، ج ٣ ، ص ١٨٠ ـ ١٨٢.
(٢) تفسير ابن كثير ، ج ٣ ، ص ١٠٤.