رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إن يأجوج ومأجوج يحفرون السدّ كل يوم ، حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس ، قال الذي عليهم : ارجعوا ، فستفتحونه غدا ، ولا يستثنى ، فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان ، فإذا أراد الله بخروجهم على الناس قال الذي عليهم : ارجعوا ، فستفتحونه إن شاء الله ويستثنى (١) ، فيعودون إليه ، وهو كهيئته حين تركوه ، فيحفرونه ، ويخرجون على الناس ، فيستقون المياه ، ويتحصّن الناس منهم في حصونهم ، فيرمون بسهامهم إلى السماء ، فترجع مخضّبة بالدماء ، فيقولون : قهرنا من في الأرض ، وعلونا من في السماء ، قسوا ، وعلوّا ، فيبعث الله عليهم نغفا (٢) في أعناقهم فيهلكون» ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «فو الذي نفس محمد بيده إنّ دواب الأرض لتسمن ، وتبطر ، وتشكر شكرا (٣) من لحومهم» (٤).
ومهما كان سند مثل هذا فهو من الإسرائيليات عن كعب وأمثاله ، وقد يكون رفعها إلى النبي غلطا وخطأ من بعض الرواة ، أو كيدا يكيد به الزنادقة اليهود للإسلام. وإظهار رسوله بمظهر من يروي ما يخالف القرآن ، فالقرآن قد نص بما لا يحتمل الشك على أنهم لم يستطيعوا أن يعلوا السدّ ، ولا أن ينقبوه ، قال تعالى : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً)(٥).
وإليك ما ذكره ابن كثير هنا في تفسيره ، قال بعد أن ذكر من رواه : وأخرجه الترمذي من حديث أبي عوانة ، عن قتادة ، ثم قال : غريب لا يعرف إلّا من هذا
__________________
(١) يعنى يقول : «إن شاء الله» لأنها في معنى الاستثناء ، يعني إلّا أن يشاء الله تعالى.
(٢) النغف ـ محركة ـ : دود يكون في أنوف الإبل والغنم ، واحده : نغفة.
(٣) أي تسمن سمنا.
(٤) الدر المنثور ، ج ٤ ، ص ٢٥١.
(٥) الكهف / ٩٧.