أيضا عن طريق الثعلبي (١) ، والرواية منكرة مختلقة على الرسول. وفي سند هذه الرواية المختلقة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ابن لهيعة ، وهو مضعف في الحديث ، وفي سندها أيضا يزيد بن أبان الرقاشي ، كان ضعيفا في الحديث.
وقال فيه النسائي ، والحاكم أبو أحمد : إنه متروك ، وقال فيه ابن حبان : كان من خيار عباد الله ، من البكّائين بالليل ، غفل عن حفظ الحديث شغلا بالعبادة ، حتى كان يقلب كلام الحسن يجعله عن أنس عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا تحل الرواية عنه إلّا على جهة التعجب (٢).
وقال العلامة ابن كثير في تفسيره (٣) : «وقد ذكر المفسرون هاهنا قصة ؛ أكثرها مأخوذ من الإسرائيليات ، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب اتّباعه ، ولكن روى ابن أبي حاتم هنا حديثا لا يصح سنده ؛ لأنه من رواية يزيد الرقاشي ، عن أنس رضى الله عنه ، ويزيد وإن كان من الصالحين ، لكنه ضعيف الحديث عند الأئمة».
ومن ثم يتبين لنا كذب رفع هذه الرواية المنكرة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا نكاد نصدق ورود هذا عن المعصوم ، وإنما هي اختلاقات ، وأكاذيب من إسرائيليات أهل الكتاب ، وهل يشك مؤمن عاقل يقرّ بعصمة الأنبياء ، في استحالة صدور هذا عن داود عليهالسلام ، ثم يكون على لسان من؟ على لسان من كان حريصا على تنزيه إخوانه الأنبياء عما لا يليق بعصمتهم ، وهو نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ومثل هذا التدبير السّيّئ ، والاسترسال فيه على ما رووا ، لو صدر من رجل من سوقة
__________________
(١) تفسير البغوي ، ج ٤ ، ص ٥٢ ـ ٥٩ والدر المنثور ، ج ٥ ، ص ٣٠٠ ـ ٣٠١.
(٢) تهذيب التهذيب ، ج ١١ ، ص ٣٠٩.
(٣) تفسير ابن كثير ، ج ٤ ، ص ٣١.