عباس ـ رضوان الله عليه ـ : أن اليهود سألوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقالوا : أخبرنا ما هذا الرعد؟ فقال عليهالسلام : «ملك من ملائكة الله موكّل بالسحاب ، بيديه مخراق من نار ، يزجر به السحاب ، يسوقه حيث أمره الله تعالى» ، قالوا : فما ذلك الصوت الذي نسمعه؟ قال : «صوته» قالوا : «صدقت».
وهذا الحديث إن صح يمكن حمله على التمثيل ، ولكن لا يطمئن القلب إليه ، ولا يكاد يصدق وروده عن المعصوم صلىاللهعليهوآلهوسلم وإنما هو من إسرائيليات بني إسرائيل ألصقت بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم زورا ، ثم كيف يتلاءم ما روي مع قوله قبل : (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ) ، وقوله بعد : (وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ)(١) ، فالآية في بيان قدرة الله وعظمته في إحداث هذه الآيات الكونية ، على حسب ما خلقه الله في الكون من نواميس ، وأسباب عادية! وإنما المناسب أن نفسّر تسبيح «الرعد» بلسان الحال ، وعطف الملائكة على «الرعد» يقتضي أن يكون «الرعد» غيرها لما ذكرنا ، وكأن السر في الجمع بينهما بيان أنه تواطأ على تعظيم الله وتنزيهه الجمادات والعقلاء ، وأن ما لا يعقل منقاد لله وخاضع كانقياد العقلاء سواء بسواء ، ولا سيّما الملائكة الذين هم مفطورون على الطاعة والانقياد.
ومن الحق أن نذكر : أن بعض المفسرين كانت لهم محاولات جادّة ؛ بناء على ما كان من العلم بهذه الظواهر الكونية في عصرهم ، في تفسير : الرعد والبرق ، كابن عطية رحمهالله فقد قال : وقيل : إن «الرعد» ريح تخفق بين السحاب. وروى ذلك عن ابن عباس ، واعترض عليه أبو حيان ، واعتبر ذلك من نزغات الطبيعيين ، مع أن قول ابن عطية أقرب إلى الصواب من تفسير «الرعد» بصوت
__________________
(١) الرعد / ١٢ و ١٣.