«الملك» الذي يسوق السحاب ، والبرق بضوء مخراقه. وقد حاول الإمام الرازي التوفيق بين ما قاله المحققون من الحكماء ، وما ورد في هذه الأحاديث والآثار ، وقد أنكر عليه أبو حيان هذا أيضا.
ثم ذكر الآلوسي آراء الفلاسفة في حدوث الرعد ، والبرق ، وتكوّن السحاب ، وأنه عبارة عن أبخرة متصاعدة قد بلغت في صعودها إلى الطبقة الباردة من الهواء ، ثم تكثّفت بسبب البرد ، ولم يقدر الهواء على حملها ، فاجتمعت وتقاطرت ، ويقال لها : مطر.
هذا ، وقد أصابوا في تكوّن السحاب ونزول المطر ، فآخر ما وصل إليه العلم اليوم هو هذا. وأما في تكون الرعد ، والبرق ، فقد حاولوا ، وقاربوا ، وإن لم يصلوا إلى الحقيقة العلمية المعروفة اليوم.
وبعد أن ذكر الآلوسي الردود والاعتراضات على ما قاله الفلاسفة ، وهي ـ والحق يقال ـ لا تنهض أن تكون أدلة في ردّ كلامهم ، قال : وقال بعض المحققين : لا يبعد أن يكون في تكوّن ما ذكر أسباب عادية ، كما في الكثير من أفعاله تعالى ، وذلك لا ينافي نسبته إلى المحدث الحكيم ـ جل شأنه ـ ومن أنصف لم يسعه إنكار الأسباب بالكلية ، فإن بعضها كالمعلوم بالضرورة ، قال : وبهذا أنا أقول (١). ونحن أيضا بهذا نقول ، وكون الظواهر الكونية قد جعل الله نواميس خاصة لحدوثها ، لا ينافي قط أنه سبحانه الخالق للكون ، والمدبّر له سبحانه ، فهو ـ تعالى ـ هو الموجد لهذه النواميس ، وهو الموجد لهذه السنن التي يسير عليها الكون ، فإن بعض هذه النواميس والسنن أصبحت معلومة فإنكارها باسم الدين ، أو التشكيك فيها ـ ومنها تكوّن السحب ، وحدوث الرعد ، والبرق ،
__________________
(١) تفسير الآلوسي ، ج ١٣ ، ص ١٠٦ و ١٠٧ ، ط منير.