لا يؤمنون ولا يرجعون إلى الحق ، ولا يصدقون بك وبما جئتهم به.
كما حدثنا محمد بن حميد ، قال : حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت عن عكرمة ، أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) أي أنهم قد كفروا بما عندهم من العلم من ذكر ، وجحدوا ما أخذ عليهم من الميثاق لك ، فقد كفروا بما جاءك وبما عندهم مما جاءهم به غيرك ، فكيف يسمعون منك إنذارا وتحذيرا ، وقد كفروا بما عندهم من علمك (١).
انظر إلى هذا التفصيل في مجال الأدب ، الّذي ينبؤك عن سعة اضطلاعه بالأدب وبأقوال النّحاة.
ونراه يقول في تأويل قوله ـ جلّ ثناؤه ـ : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ)(٢) وأصل الختم : الطبع ، والخاتم : الطابع ، يقال : منه ختمت الكتاب ، إذا طبعته.
فإن قال لنا قائل : وكيف يختم على القلوب ، وإنما الختم طبع على الأوعية والظروف والغلف؟
قيل : فإنّ قلوب العباد أوعية لما أودعت من العلوم ، وظروف لما جعل فيها من المعارف بالأمور ، فمعنى الختم عليها وعلى الأسماع الّتي بها تدرك المسموعات ، ومن قبلها يوصل إلى معرفة حقائق الأنباء عن المغيبات ، نظير معنى الختم على سائر الأوعية والظروف.
فإن قال : فهل لذلك من صفة تصفها لنا فنفهمها ، أهي مثل الختم الذي يعرف
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ١ ، ص ٨٦.
(٢) البقرة / ٧.