يبايعوه ، قال : يا قوم إذا أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم ، لا يكن غيركم من العرب أولى بحفظي ونصرتي منكم.
ثم ذكر وجوها ثلاثة أخر : طلب الموادة مع قرابته أهل بيته ، وطلب القربى إلى الله والزلفى لديه تعالى ، وصلة الأرحام بعضهم مع بعض. ثم يحاول ترجيح الوجه الّذي ذكره على هذه الوجوه الثلاثة ، ويستند في ترجيحه إلى موضع «في» في قوله : (الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). يقول : إذ لا وجه معروفا لدخول «في» في هذا الموضع. وكان ينبغى على سائر الوجوه أن يكون التنزيل «إلّا مودة القربى» أو «المودة بالقربى» أو «ذا القربى» على الترتيب.
قال : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب وأشبهها بظاهر التنزيل ، قول من قال : معناه قل لا أسألكم عليه أجرا ـ يا معشر قريش ـ إلّا أن تودّوني في قرابتي منكم وتصلوا الرحم الّتي بيني وبينكم ، وإنما قلت : هذا التأويل أولى بتأويل الآية ، لدخول «في» في قوله : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى). ولو كان معنى ذلك على ما قاله من قال : إلّا أن تودّوا قرابتي أو تقربوا إلى الله ، لم يكن لدخول «في» في الكلام في هذا الموضع وجه معروف ؛ ولكان التنزيل «إلّا مودّة القربى» إن عنى به الأمر بمودّة قربى الرسول ، أو «إلّا المودّة بالقربى» أو «ذا القربى» إن عنى به التودّد والتقرّب. وفي دخول «في» في الكلام أوضح دليل على أنّ معناه : إلّا مودّتي في قرابتي منكم ، وأنّ الألف واللام في المودّة أدخلتا بدلا من الإضافة. وقوله «إلّا» في هذا الموضع استثناء منقطع ، ومعنى الكلام : «قل لا أسألكم عليه أجرا ، لكنّي أسألكم المودّة في القربى» (١).
__________________
(١) تفسير الطبري ، ج ٢٥ ، ص ١٥ ـ ١٧.