ولا رذيلة إلّا إذا كانت هنا دوافع للخير وللشر معا ، وكان الإنسان يملك إرادته في الاختيار.
أما الشيطان فلا سلطة له على الإنسان سوى دعوته وبعثه إلى فعل الشرور (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي)(١) ، نعم كان كيد الشيطان ضعيفا (٢). وأن الله لهو القوي العزيز (٣)(كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)(٤) ، (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا)(٥).
وعند تفسير قوله تعالى : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٦).
نراه يبحث عن مسائل الإمامة على مذهب الشيعة الإمامية ، واشتراطهم العصمة في إمام المسلمين ، ويذكر حججهم القاطعة في المسألة ، ثم يجيب عليها لا بتلك القوة والمتانة.
قال عند الكلام عن قوله تعالى : (قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) : احتج الروافض بهذه الآية على القدح في إمامة الشيخين ؛ حيث كانا كافرين وكانا حال كفرهما ظالمين ؛ لأن الشرك ظلم عظيم. فوجب أن يصدق عليهما في تلك الحالة : أنهما لا ينالان عهد الإمامة البتة ، وأيضا فإنهما لعدم عصمتهما حال الإمامة ، كانا غير صالحين لها.
__________________
(١) إبراهيم / ٢٢.
(٢) قال تعالى : (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً) ، النساء / ٧٦.
(٣) قال تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) ـ هود / ٦٦»
(٤) المجادلة / ٢١.
(٥) غافر / ٥١.
(٦) البقرة / ١٢٤.