خرج قال الرشيد : والله لقد علمت أنّه كذّاب ، وأمر بالحمام أن يذبح. فقيل له : وما ذنب الحمام؟ قال : من أجله كذب على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١). وحكى ابن الجوزي نظير هذه القصة لغياث بن إبراهيم بمحضر المهدي العباسي (٢).
وهكذا حدّث الرشيد : أن جعفر بن محمد حدّثه عن أبيه : أنّ جبرائيل نزل على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعليه قباء أسود ومنطقة. وإنما قال ذلك ؛ لأن ذلك كان شعار العباسيين. فدخل يحيى بن معين ، فقال له : كذبت يا عدوّ الله ، وقال للشرطيّة خذوه ... فقال فيه المعافى التميمي :
ويل وعول لأبي البختري |
|
إذا توافى الناس في المحشر |
من قوله الزور وإعلانه |
|
بالكذب في الناس على جعفر |
إلى آخر الأبيات ، وهي مشهورة. ولما بلغ ابن المهدي موته قال : الحمد لله الذي أراح المسلمين منه (٣).
وروى ابن الجوزي عن زكريا بن يحيى الساجي ، قال : بلغني أن أبا البختري دخل على الرشيد ـ وهو قاض ـ وهارون إذ ذاك يطيّر الحمام ، فقال : هل تحفظ في هذا شيئا؟ فقال : حدّثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة : «إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يطيّر الحمام». فقال هارون : أخرج عنّي. ثم قال : لو لا أنه رجل من قريش لعزلته.
قال ابن الجوزي : هذا الحديث من عمل أبي البختري ، واسمه وهب بن
__________________
(١) راجع : تفسير القرطبي (المقدمة) ، ج ١ ، ص ٧٩ ـ ٨٠.
(٢) الموضوعات ، ج ١ ، ص ٤٢.
(٣) لسان الميزان لابن حجر ، ج ٦ ، ص ٢٣٣.