يتحاشاه أتباع مذهب الاشعري.
مثلا عند ما تعرّض لتفسير قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)(١) يقول : والوجه عبارة عن الجملة. والناضرة : من نضرة النعيم. إلى ربها نظرة : تنظر إلى ربها خاصة لا تنظر إلى غيره. وهذا معنى تقديم المفعول ، ألا ترى إلى قوله : (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ)(٢) ، (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ)(٣) ، (إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ)(٤) ، (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ)(٥) ، (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)(٦) ، (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)(٧). كيف دلّ فيها التقديم على معنى الاختصاص ، ومعلوم أنهم ينظرون إلى أشياء لا يحيط بها الحصر ، ولا تدخل تحت العدد ، في محشر يجتمع فيه الخلائق كلهم ، فإنّ المؤمنين نظّارة ذلك اليوم ؛ لأنهم الآمنون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. فاختصاصه بنظرهم إليه ، لو كان منظورا إليه ، محال ؛ فوجب حمله على معنى يصح معه الاختصاص. والذي يصح معه ، أن يكون من قول الناس : أنا إلى فلان ناظر ما يصنع بي ، تريد معنى التوقّع والرجاء. ومنه قوله القائل :
وإذا نظرت إليك من ملك |
|
والبحر دونك زدتني نعما |
وسمعت سرويّة مستجدية بمكة وقت الظهر ، حين يغلق الناس أبوابهم ،
__________________
(١) القيامة / ٢٢ ـ ٢٣.
(٢) القيامة / ١٢.
(٣) القيامة / ٣٠.
(٤) الشورى / ٥٣.
(٥) آل عمران / ٢٨ ، النور / ٤٢ ، فاطر / ١٨.
(٦) البقرة / ٢٤٥.
(٧) الشورى / ١٠.