الصحيحة ، من أن العباد ينظرون إلى ربّهم يوم القيامة ، كما ينظرون إلى القمر ليلة البدر. قال ابن كثير : وهذا بحمد الله مجمع عليه من الصحابة والتابعين وسلف هذه الأمّة ، كما هو متّفق عليه بين أئمّة الإسلام وهداة الأنام. وروى البخاري : «أنكم سترون ربكم عيانا». وروى الشيخان : «أن ناسا قالوا : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال : هل تضارّون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب؟ قالوا : لا ، قال : فانكم ترون ربكم كذلك» (١).
وقد أكثر أهل الحديث من روايات بهذا الشأن ، أخذ بظاهرها السلف ، ومن تبعهم من أهل الظاهر (٢).
واستدل شيخ أهل السنة أبو الحسن الأشعري بهذه الآية على جواز رؤية الله في الآخرة ، واستشهد بموضع «إلى» من هذه الآية ، قال : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) أي رائية ؛ إذ ليس يخلو النظر من وجوه ثلاثة : إما نظر الاعتبار ، كما في قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)(٣) ، أو نظر الانتظار ، كما في قوله تعالى : (ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً)(٤) ، أو نظر الرؤية. أما الاول فلا يجوز ؛ لأنّ الآخرة ليست بدار اعتبار. وكذا الثاني ؛ لأن النظر إذا ذكر مع الوجه فمعناه نظر العينين اللتين في الوجه ؛ ولأنّ نظر الانتظار لا يقرن ب «إلى» ، كما في قوله تعالى : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)(٥). قال : فان قال قائل : لم لا يجوز أن يراد «إلى ثواب ربها ناظرة»؟ قيل له : ثواب الله غيره ، وقد قال تعالى : (إِلى رَبِّها
__________________
(١) تفسير المراغي ، ج ١٠ ، ص ١٥٢ ـ ١٥٣.
(٢) راجع : الطبري ، ص ٧٣ ـ ٧٥. وابن كثير ، ج ٢ ، ص ٤١٤. وكذا القشيري ، ج ٣ ، ص ٩١.
(٣) الغاشية / ١٧.
(٤) يس / ٤٩.
(٥) النمل / ٣٥.