هذه الأمة ، وينصّ على أنهم «المشبّهة» و «المجبّرة» و «الحشويّة» وأشباههم (١).
وفي سورة يونس ، حيث يقول تعالى : (بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ)(٢) ، يقول : بل سارعوا إلى التكذيب بالقرآن وفاجئوه في بديهة السماع قبل أن يفقهوه ويعلموا كنه أمره ، وقبل أن يتدبروه ويقفوا على تأويله ومعانيه ؛ وذلك لفرط نفورهم عما يخالف دينهم ، وشرادهم عن مفارقة دين آبائهم ، كالناشئ على التقليد من «الحشويّة» إذا أحسّ بكلمة لا توافق ما نشأ عليه وألفه وإن كانت أضوأ من الشمس في ظهور الصحة وبيان الاستقامة أنكرها في أوّل وهلة ، واشمأزّ منها قبل أن يحسّ إدراكها بحاسّة سمعه ، من غير فكر في صحة أو فساد ؛ لأنّه لم يشعر قلبه إلّا صحة مذهبه وفساد ما عداه من المذاهب (٣).
ولقد أظهر الزمخشري تعصّبا قويّا لمذهبه ، إلى حدّ جعله يخرج خصومه السّنّيين من دين الله ، وهو الإسلام ؛ وذلك حيث يقول عند تفسيره لقوله تعالى (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ)(٤) : فإن قلت : ما المراد بأولي العلم الذين عظّمهم هذا التعظيم ، حيث جمعهم معه ومع الملائكة في الشهادة على وحدانيته وعدله؟
قلت : هم الذين يثبتون وحدانيته وعدله بالحجج الساطعة والبراهين القاطعة ، وهم علماء العدل والتوحيد ـ يريد أهل مذهبه ـ.
فإن قلت : ما فائدة هذا التوكيد يعني في قوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)
__________________
(١) الكشاف ، ج ١ ، ص ٣٩٩.
(٢) الآية ٣٩.
(٣) الكشاف ، ج ٢ ، ص ٣٤٧ ـ ٣٤٨.
(٤) آل عمران / ١٨.