في الوقوف على معناه ، ويتوصّل به إلى تبيين أغراضه ومغزاه ، معرفة إعرابه واشتقاق مقاصده من أنحاء خطابه ، والنظر في وجوه القرآن المنقولة عن الأئمة الأثبات.
والكتب المؤلّفة في هذا العلم كثيرة جدّا ، فمنها المختصر حجما وعلما ، ومنها المطوّل بكثرة إعراب الظواهر ، وخلط الإعراب بالمعاني ، وقلّما تجد فيها مختصر الحجم كثير العلم ، فلما وجدتها على ما وصفت ، أحببت أن أملي كتابا يصغر حجمه ويكثر علمه ، اقتصر فيه على ذكر الإعراب ووجوه القراءات ، فأتيت به على ذلك.
والكتاب مرتب حسب ترتيب السور ، متعرضا لإعراب القرآن آية فآية وكلمة فكلمة ، حتى يأتي إلى آخره.
والكتب في إعراب القرآن كثيرة ، أفضلها ما كتبه المتقدمون ، وقد استرسل فيها المتأخرون ، فأتوا بما لا طائل تحته في كثير من تصانيفهم بهذا الشأن.
ومن أحسن كتب السلف في إعراب القرآن ، كتاب «البيان» في غريب إعراب القرآن ، تأليف كمال الدين ، عبد الرحمن بن محمد بن عبيد الله ، أبي البركات. المعروف بابن الأنباري ، المتوفّى سنة (٥٧٧ ه). وقد انتهت إليه زعامة العلم في العراق ، وكان قبلة الأنظار بين أساتذة المدرسة النظامية في بغداد ، يرحل إليه العلماء من جميع الأقطار ، وقد تخاطف الطلاب والأدباء تصانيفه ، وطولب بالتأليف في مختلف علوم اللغة.
وقد وضع كتابه هذا على أحسن أسلوب وأجمل ترتيب ، في بيان أعاريب القرآن ، منتهجا ترتيب معاني القرآن للفرّاء ، وأسلوبه في شرح مواضع الكلمات ، وبيان تفاصيل وجوهها. وهو مرتّب حتى نهاية القرآن الكريم.