وعنوا بذلك عناية بالغة ، جزاهم الله عن الإسلام والقرآن خير جزاء.
وأقدم كتاب وصل إلينا في تفسير غريب القرآن ، ما هو المنسوب إلى الإمام الشهيد زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام ، وهو برواية الشيخ الإمام العالم الزاهد الفقيه أبي جعفر محمد بن منصور المقري رضي الله عنه ، وكان شيخ الزيدية بالكوفة. رواه عن أحمد بن عيسى ، والقاسم بن إبراهيم ، والحسن بن يحيى ، وعبد الله بن موسى ، ومحمد بن علي ، وزيد بن علي ، وجعفر بن محمد.
وهو تفسير موجز لطيف ، وتبيين شاف لمواضع الإبهام من الذكر الحكيم ، تجده وافيا بإيفاد المعاني في تسلسل رتيب حسب ترتيب السور والآيات ؛ مما ينبؤك عن علم غزير وذوق ظريف ودقة فائقة (١).
وخير كتاب وجدته تعرّض للمشكل من معاني القرآن ، متصدّيا لتأويله وتبيينه ، هو كتاب «تأويل مشكل القرآن» تأليف العلّامة الناقد البصير أبي محمد عبد الله بن مسلم (ابن قتيبة) الدينوري المروزي المتوفّى سنة (٢٧٦ ه).
وقد استوفى المؤلف الكلام حول أنواع المتشابه في القرآن ، وشرحها شرحا وافيا. تكلّم عن الطاعنين في القرآن ، وما ادّعى فيه من التناقض والاختلاف ، والتكرار والزيادة ومخالفة الظاهر ، وما ادعى فيه من فساد النظم والإعراب. كما تعرض للأشباه والنظائر في معاني ألفاظ القرآن (ولعلّه كان المرجع لحبيش التفليسي في تأليفه الآتى) وتكلّم في حروف المعاني وما شاكلها من أفعال ، واستعمال بعض الحروف مكان البعض ، وأخيرا الكلام عن مشكل القرآن وما شابه ذلك.
__________________
(١) وأخيرا قام بتحقيقه وتنميقه زميلنا الفاضل السيد محمد جواد الجلالي. وطبع طبعة أنيقة.