اليونانية ، في القرنين الثاني والثالث ، وتفشّت في أوساط عامّيّة كانت بعيدة عن تعاليم أهل البيت عليهمالسلام.
ونحن إذ نستنكر على هؤلاء تأويلاتهم غير المستندة ، نرى أن للقرآن ظهرا وبطنا ، كما جاء في حديث الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وأسبقنا الكلام عنه ، وكان «الظهر» عبارة عن المعنى المستفاد من تنزيل الآية ، ومن ظاهر التعبير حسب الأصول المقررة في باب التفهيم والتفهّم. وأما «البطن» فهو عبارة عن المفهوم العام الشامل ، المستنبط من فحوى الآية وتأويلها إلى حيث تنطبق عليه من موارد مشابهة ، حسب مرّ الدهور. وكان للتأويل ضوابط ذكرنا حدودها وشرائطها ، وليس حسب الذوق المختلف حسب تنوّع السلائق ، كما ارتكبه القوم مع الأسف.
كان الصوفي إنما ينظر إلى القرآن نظرة تتمشّى مع أهدافه وتتّفق مع تعاليمه ، حسب النزعة الصوفيّة الباطنيّة ، ولم يكن من السهل أن يجد في القرآن صراحة تتّفق مع نظرته ، أو يتمشّى بوضوح مع نزعته ؛ حيث القرآن جاء لهداية الناس إلى معالم الحياة الكريمة ، وجاء بتعاليم تتّفق مع واقعيّات الحياة. ولم يأت لإثبات أو دعم نظريّات وتعاليم جاءت غير مألوفة ، ولا هي ماسّة بواقع الإنسان في هذه الحياة ، وإنما هي أشياء فرضوها فرضا واحتملوها احتمالا مجردا عن الواقعيّات ، وربما كانت متنافرة مع الفطرة والعقل السليم.
غير أنّ الصوفي ، زعما منه في إمكان الجمع بين الشريعة والطريقة ، يحاول أن يعثر على مقصوده حيثما وجد إلى ذلك سبيلا ولو بالفرض والاحتمال ، ومن ثمّ تراه يتعسّف في تأويل ظواهر الكتاب والسنة من غير هوادة ، ويتكلّف في حمل الآيات القرآنية على معاني غريبة عن روح الشريعة ، ويتخبّط خبط عشواء بلا تورّع. وكان ذلك مصداقا لامعا لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «من فسّر القرآن برأيه فإن