وجوده ، والحق ملكه ومن الحق بدؤه ، وإلى الحق عوده ، فبه وحد من وحّد ، وبه جحد من ألحد ، وبه عرف من اعترف ، وبه تخلّف من اقترف (١).
لم نعرف حرف التضمين ، ولم نعرف كيف فسّر البسملة من هذه السورة بهذه المعاني ، ولكنه في سائر السور يفسّرها بمعان أخر ، ولعله يدّعي أنّ هكذا ألهم وأشرق عليه ، انظر إلى تفسيره لبسملة سورة البقرة :
الاسم مشتق من السموّ والسمة ، فسبيل من يذكر هذا الاسم أن يتّسم بظاهره بأنواع المجاهدات ، ويسمو بهمّته إلى محالّ المشاهدات ، فمن عدم سمة المعاملات على ظاهره ، وفقد سموّ الهمّة للمواصلات بسرائره ، لم يجد لطائف الذكر عند قالته ، ولا كرائم القرب في صفاء حالته (٢).
وفي بسملة سورة آل عمران :
اختلف أهل التحقيق ـ يعني بهم الصوفية وأهل التأويل ـ في اسم «الله» هل هو مشتق من معنى أم لا؟ فكثير منهم قالوا : إنه ليس بمشتق من معنى ، وهو له سبحانه على جهة الاختصاص ، يجري في وضعه مجرى أسماء الأعلام في صفة غيره ، فإذا قرع بهذا اللفظ أسماع أهل المعرفة لم تذهب فهو مهم ولا علومهم إلى معنى غير وجوده سبحانه وحقه. وحق هذه القالة أن تكون مقرونة بشهود القلب ، فإذا قال بلسانه : «الله» أو سمع بآذانه شهد بقلبه «الله».
وكما لا تدلّ هذه الكلمة على معنى سوى «الله» لا يكون مشهود قائلها إلّا «الله» ، فيقول بلسانه «الله» ، ويعلم بفؤاده «الله» ، ويعرف بقلبه «الله» ، ويحبّ بروحه «الله» ، ويشهد بسره «الله» ، ويتملّق بظاهره بين يدي «الله» ، ويتحقق بسرّه
__________________
(١) لطائف الإشارات ، ج ١ ، ص ٥٦.
(٢) المصدر ، ص ٦٤ ـ ٦٥.