وسم بكيّ الفرقة قلبه ، وعلى هذه الجملة يدلّ اسمه (١).
وفي بسملة المائدة :
سماع اسم «الله» يوجب الهيبة ، والهيبة تتضمّن الفناء والغيبة ، وسماع «الرحمن الرحيم» يوجب الحضور والأوبة ، والحضور يتضمن البقاء والقربة.
فمن أسمعه «بسم الله» أدهشه في كشف جلاله ، ومن أسمعه «الرحمن الرحيم» عيّشه بلطف إفضاله (٢).
وهكذا عند كل بسملة يأتي بجمل وعبارات ذات تسجيع متكلّف فيه إلى تمام السور ، لكنه عند سورة قريش ، يغيّر الاتّجاه ، وينسى منهجه الدائر ، ويقول :
«بسم» ، الباء في «بسم» تشير إلى براءة سرّ الموحّدين عن حسبان الحدثان ، وعن كل شيء مما لم يكن فكان ، وتشير إلى الانقطاع إلى الله في السرّاء والضرّاء والشدّة والرّخاء. والسين تشير إلى سكونهم في جميع أحوالهم تحت جريان ما يبدو من الغيب ، بشرط مراعاة الأدب. والميم تشير إلى منّة الله عليهم بالتوفيق ، لما تحققوا به من معرفته ، وتخلّقوا من طاعته (٣).
ولم هذا التغيير في الاتجاه؟ ولعله ألهم إليه إلهاما!
نعم هناك ما يبرّر موقف الصوفية من هذه التأويلات ، بأنها من تفسير الباطن للقرآن وراء تفسيره الظاهري ، مع العلم أن للقرآن ظهرا وبطنا ، ولا يعني التفسير الباطني نفي التفسير الظاهري ، بل هما معا ثابتان جميعا ، ومعه لا موضع للإنكار
__________________
(١) لطائف الإشارات ، ج ٢ ، ص ٥ ـ ٦.
(٢) المصدر ، ج ٢ ، ص ٩١.
(٣) المصدر ، ج ٤ ، ص ٣٣٩.