فالباطن ما هو؟ قال : فهمه ، وإن فهمه هو المراد (١).
ونجده أحيانا لا يقتصر على التفسير الإشاري وحده ، بل ربما ذكر المعاني الظاهرة ثم يعقّبها بالمعاني الإشارية. وحينما يعرض للمعاني الإشارية لا يكون واضحا في كل ما يقوله ، بل تارة يأتي بالمعاني الغريبة التي يستبعد أن تكون مرادة لله تعالى ، كالمعاني التي يذكرها في تفسير البسملة :
الباء : بهاء الله. والسين : سناء الله. والميم : مجد الله. والله : هو الاسم الأعظم الذي حوى الأسماء كلها ، وبين الألف واللّام منه حرف مكنّى ، غيب من غيب إلى غيب ، وسرّ من سرّ إلى سر ، وحقيقة من حقيقة إلى حقيقة ، لا ينال فهمه إلّا الطّاهر من الأدناس ، الآخذ من الحلال قواما ضرورة الإيمان. والرحمن : اسم فيه خاصية من الحرف المكنّى بين الألف واللام. والرحيم : هو العاطف على عباده بالرزق في الفرع ، والابتداء في الأصل ، رحمة لسابق علمه القديم (٢).
وبهذا النسق فسّر «الم» ، وتبعه على ذلك أبو عبد الرحمن السلمي ، ومن بعدهما من مفسري الصوفية وأهل العرفان (٣).
وربّما فسّر الآية بما لا يحتمله اللفظ ، وليس سوى الذوق الصوفي حمله على الآية حملا ، من ذلك ما ذكره في تفسير الآية (وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ)(٤) : لم يرد الله معنى الأكل في الحقيقة ، وإنما أراد معنى مساكنة الهمة لشيء هو غيره ، أي لا تهتمّ بشيء هو غيري. قال : فآدم عليهالسلام لم يعصم من الهمة والفعل في الجنة ،
__________________
(١) تفسير التستري ، ص ٣.
(٢) المصدر ، ص ٩ ـ ١٢.
(٣) حقائق التفسير للسلمي ، ص ٩.
(٤) البقرة / ٣٥.