فلحقه ما لحقه من أجل ذلك. قال : وكذلك كل من ادّعى ما ليس له وساكنه قلبه ناظرا إلى هوى نفسه ، لحقه الترك من الله عزوجل مع ما جبلت عليه نفسه ، إلّا أن يرحمهالله ، فيعصمه من تدبيره وينصره على عدوّه وعليها. قال : وآدم لم يعصم عن مساكنة قلبه إلى تدبير نفسه للخلود لمّا أدخل الجنة ، ألا ترى أن البلاء دخل عليه من أجل سكون القلب إلى ما وسوست به نفسه ، فغلب الهوى والشهوة العلم والعقل والبيان ونور القلب ، لسابق القدر من الله تعالى ، كما قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : الهوى والشهوة يغلبان العلم والعقل (١).
وفى أغلب الأحيان يجري في تفسيره مع ظاهر الآية أوّلا ، ثم يعقّبه بما سنح له من خواهر صوفية يجعلها تأويلا وتفسيرا لباطن الآية. من ذلك تفسيره للآية (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ)(٢) حيث يقول بعد ذكره للتفسير الظاهر : وأما باطنها ، فالجار ذي القربى هو القلب ، والجار الجنب هو الطبيعة ، والصاحب بالجنب هو العقل المقتدى بالشريعة ، وابن السبيل هو الجوارح المطيعة لله (٣).
وعند تفسيره للآية (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ)(٤) يقول : مثّل الله الجوارح بالبرّ ، ومثّل القلب بالبحر ، وهم أعمّ نفعا وأكثر خطرا. هذا هو باطن الآية ، ألا ترى أنّ القلب إنما سمّي قلبا لتقلّبه ، وبعد غوره (٥).
__________________
(١) تفسير التستري ، ص ١٦ ـ ١٧.
(٢) النساء / ٣٦.
(٣) تفسير التستري ، ص ٤٥.
(٤) الروم / ٤١.
(٥) تفسير التستري ، ص ٤٥. وراجع : الذهبي ، ج ٢ ، ص ٣٦٥.